لقد وقف المماليك أمام التتار الذين لم يستطع أن يقف أمامهم أحد، وانتصروا عليهم في معركة «عين جالوت» رمضان سنة ٦٥٨ هـ، وتابعوا فلولهم حتى أخرجوهم من بلاد الشام مهزومين بعد أن دخلوها ظافرين (^١).
وكان لعين جالوت صدى واسعا، قد جعل دعاية واسعة للمماليك، وخاصة أن الناس كانوا لا يتصورون هزيمة كهذه تلحق بالتتار بسبب الرعب الذي أصابهم والهلع الذي ملأ قلوبهم بأن التتار العدو الذي لا يقهر، وسرعان ما بدد فرسان المماليك وجنود الإسلام هذه النظرية.
إن الهجوم التتاري الوحشي من الشرق على ديار الإسلام، والحقد الواضح الذي بدا منهم، جعل المسلمين يعودون قليلا إلى دينهم، كما كانت دعوة حكامهم بالدرجة الأولى إلى وحدة صفوف المسلمين للوقوف في وجه الأعداء، وخاصة أولئك التي تعرضت بلادهم للتخريب والتدمير التتاري.
وكما وقف المماليك في وجه التتار، وقفوا كذلك في وجه الصليبيين، وتمكنوا من إخراج بقاياهم من بلاد الشام سنة ٦٩٠ هـ، ومن جزيرة أرواد سنة ٧٠٢ هـ (^٢).
٣ - الحجاز تحت حكم المماليك:
حرصت مصر في عصر المماليك على بسط نفوذها السياسي على الحجاز، وكان شرفا عظيما، وسندا قويا لكل حاكم مسلم، أن يظهر أمام الرأي العام الإسلامي في صورة حامي حمى الحرمين الشريفين، والمدافع عن الحجاز وبقاعه المقدسة.
_________
(^١). انظر: الذهبي: العبر ٣/ ٢٨٨، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٢٩١.
(^٢). انظر: الذهبي: العبر ٣/ ٣٧١، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٤١١.
1 / 46