123

Badr Munir

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

Genre-genre

Fikah Syiah

والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن متعبدا قبل بعثته بشريعة من قبله لعدم ثقته بالرواة مع كثرة طول الفترة واشتهار التحريف وعدم مواصلته صلى الله عليه وآله وسلم وتعلمه وأخذه عن أهل الكتب ولإرادة الله تعالى أن يبقى صلى الله عليه وآله وسلم على الأمية من دون أن يأخذ العلم من غيره -تعالى- لئلا يتهمه المشركون بأنه ليس برسول ولا نبي، وإنما يعلم ما أتى به من الكتب، فأخذه من أفواه العلماء فلا يصدقونه حينئذ بأنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكون ذلك داعيا لهم إلى البقاء على شركهم، والله تعالى يعلم ما هو أدعى إلى الإسلام، وأصح للحجة، وأقطع للعلة، وقد نص الله تعالى على هذه المفسدة لو لم يجعله صلى الله عليه وآله وسلم أميا لا يأخذ عن أحد من أهل الكتب الأولى من الناس والجان، ولا يكتب ولا يعرف المكتوب ما في ورقة إلا بوحي منه تعالى، فقال تعالى: {وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون}(2) وأخبر تعالى أنهم قالوا إنه أخذ عن العلماء وليس ما جاء به بوحي جديد بقوله تعالى حاكيا عنهم: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا}(3) وفي قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها}(1) أي: اخترتها من قبل نفسك من غير وحي من الله تعالى؛ وإنما قالوا ذلك كله لئلا تلزمهم الحجة على زعمهم، حيث أقروا أنه وحي من الله تعالى وأنه رسول الله فيلزمهم الدخول في الإسلام وإلا فقد عرفوا أن ذلك من عند الله تعالى، وقد عجزوا عن معارضته -قاتلهم الله، فثبت بذلك أنه ليس متعبدا بشريعة من قبله قبل البعثة ولا بعدها؛ لأن شريعته صلى الله عليه وآله وسلم ناسخة [33أ] لكل شريعة قبلها، ويجب اعتقاد ذلك على كل مكلف، فكذلك أمته صلى الله عليه وآله وسلم وذلك معلوم.

قلت: فأما العقليات والذبائح والأنكحة وما لا تختلف فيه الشرائع فهو متعبد به قبل البعثة، لأنه معلوم من ضرورة دين كل نبي، فلا يخفى على ذي عقل، وذلك معلوم.

قلت: وما اشتهر وظهر من دين رسول الله إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والنكاح، فذلك لم تختلف فيه الشرائع على الجملة وإن اختلفت في تفاصيله؛ فأما الحج فإنه لم يحج صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد البعثة.

Halaman 157