فصل [في اختصاص بعض الأنبياء ببعض المكارم والمعجزات] ومن خص بالفضائل والمكارم والمعجزات الباهرة والمدح الكبير، والذكر العظيم أبونا إبراهيم -صلوات الله عليه وآله- وكذلك آل إبراهيم كولديه إسماعيل وإسحاق وذريته صلى الله عليه وآله وسلم منهما ومن غيرهما من صلح من أولئك تفضيلهم واعتقاد مزيتهم على حسب ما صرح الله تعالى به من المزية لهم على من دونهم بعد نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو أفضل منهم ومن جميع الأنبياء ففضلهم بعد نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم معلوم بضرورة الدين من أنكره كفر بالإجماع ولقوله تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين}(1) ولأن الله تعالى جعله عليه السلام في فضله عنده تعالى وثوابه وشرفه كأمة من الأمم الصالحة فقال تعالى: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين}(2) وفي إسماعيل وإسحاق وآلهما قال تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم}(3) وفي عيسى عليه السلام ما علم ضرورة من أنكره كفر، وفي إسماعيل بعينه قال تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا}(4) وكذلك في إسحاق بعينه قال تعالى فيه لأبيه عليه السلام: {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين}(1) وقال تعالى: {وباركنا عليه وعلى إسحاق}(2) وقال تعالى: {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم}(3) وفي عيسى مثله الله تعالى بآدم عليه السلام حيث قال تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ....}(4) وغيرها من الآيات الباهرة كإحياء الموتى، وكذلك كل ذرية كل نبي يشرفون ويعظمون ويوقرون مثله إلا ما خصه دليل مثل آل إبراهيم على غيرهم وبني آدم على الجن وآل إسماعيل وآل إسحاق وآل يعقوب على غيرهم من جنسهم وذرية محمد -صلى الله عليه وسلم وعليهم- وعلى غيرهم من جنسهم وكل هذا معلوم على هذا التنزيل بضرورة دين الله تعالى ونصوصه القاطعة من أنكر ذلك على هذا التنزيل بعد العلم بالأدلة أو كمال عقله كفر بإجماع الأمة والنصوص الجلية والله أعلم. والحمد لله على ما أسدى من النعم وفضل وكرم، وصلى الله على سيد الرسل محمد وآله وسلم.
Halaman 146