فقال: دعيني أنا أسمع من الغلام أمره، فإن الغلام أبصر بأمره منك، تكلم يا غلام.
قالت حليمة: فقص النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قصته ما بين أولها وآخرها، فوثب الكاهن قائما على قدميه فضمه إلى صدره، ونادى بأعلى صوته: يا للعرب! يا للعرب! من شر قد اقترب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه؛ فإنكم إن تركتموه وأدرك مدرك الرجال، ليسفهن أحلامكم، وليبدلن أديانكم، وليدعونكم إلى رب لا تعرفونه ودين تنكرونه.
قالت: فلما سمعت مقالته انتزعته من يده وقلت: لأنت أعته وأجن من ابني، ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به، أطلب لنفسك من يقتلك، فإنا لا نقتل محمدا، فاحتملته، فأتيت به منزلي، فما علم الله منزلا من منازل بني سعد إلا وقد شممنا منه ريح المسك.
فكان كل يوم ينزل عليه رجلان أبيضان فيغيبان في ثيابه ولا يظهران.
فقال الناس: رديه على عبد المطلب واخرجي من أمانتك.
قالت: فعزمت على ذلك، فسمعت مناديا ينادي: هنيئا لك يا بطحاء مكة اليوم يرد عليك النور والدين والبهاء والكمال فقد أمنت أن تحربين أو تحزنين أبد الآبدين ودهر الداهرين.
Halaman 73