فلما كان عندما تكلم سمعت منه كلاما عجبا عجيبا ينادي: الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، قالت: فكنت معه في الرضاع في كل دعة وسرور، ولا غسلت له بولا قط ولا وضوء قط طهارة ونظافة، إنما كان له في كل يوم وقتا واحدا يتوضأ فيه، ولا يعود إلى موعد في وقته ذلك واجتنبت زوجي جهدي وهو في الرضاع.
فلما ترعرع يخرج فينظر إلى الصبيان يلعبون ينظر إلى الصبيان فيجيهم، فقال لي يوما من الأيام: ((يا أمه مالي لا أرى إخوتي بالنهار))؟ قالت: قلت: فدتك نفسي يرعون غنما لنا فيروحون من ليل إلى ليل فأسبل عينيه [بالبكاء] فبكى وقال: ((يا أمه فما أصنع إذا هاهنا وحدي ابعثيني غدا معهم)).
قالت: قلت: وتحب ذلك؟ قال: ((نعم)).
قالت: فلما أصبح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- دهنته وكحلته وقمصته وعمدت إلى جزعة يمانية وعلقتها في عنقه من العين وأخذ عصى، وخرج مع إخوته، فكان يخرج مسرورا ويرجع مسرورا.
فلما كان يوما من الأيام خرجوا يرعون بهما لنا حول بيوتنا؛ فلما انتصف النهار إذ أنا بابني ضمرة يعدو وقد علاه العرق ورشح الجبين، وقال: يا أمة يا أبة أدركا أخي محمدا فما أراكما تلحقاه إلا ميتا .
Halaman 70