[أحوال القدر]
وقال في القدر: إذا كان الرجل لبيبًا:
فاعلم أنَّه كامل ولكن لن يقدمه ذلك إلى ما كان يطالب، ولن يؤخره عما كان يحاذر إلَّا بقدر يلحق به ما طلب ويسبق به ما يحذر، وإن من الناس من يؤتى منطقًا وعقلًا ولن يؤتى مالًا، ومنهم من يؤتي مالًا ولا يؤتى غيره فيحتاج ماله إلى عقل ذى العقل ومنطقه، ويحتاج ذو العقل إلى مال ذوي المال ور ... (٥٧) وينهض هذا بهذا وهذا بهذا فليس لأنهما إذا فأُحْوِج الملك إلى السوقة (٥٨) وأحوجت السوقة إلى الملك.
وقال في الفضائل:
لا تقل فلان أغنى منى وأنا أحرم (٥٩) منه فإنه لو جُمع العقلُ والشدةُ، والشجاعةُ والمال وأشباه ذلك لقوم، وبقى قوم لا شيء لهم لهلكوا.
ولكن الله ﷿ قال: فأوتى بعضهم عقلًا، وبعضهم قوة، وبعضهم مالًا مع أشياء مما يكون فيه صلاحهم وبه معايشهم، ثم أحوج بعضهم إلى بعض فلا عاشوا (٦٠) وإنما مثل الرجل ورزقه، ومثل عقله وأدبه مروءته كمثل الرامي ورميته فلابد للرامي من سهم، ولابد لسهمه
_________
(٥٧) بياض بالأصل.
(٥٨) السوقة: الرعيَّة وأوساط الناس وتطلق على الواحد وغيره فيقال هو سوقة وهم سُوقَة (ج) سُوَقٌ. الوسيط (١/ ٤٦٥).
(٥٩) أحرم منه: أشد حرمانًا منه.
(٦٠) (فلا عاشوا): هكذا بالأصل ولعل الصواب [فعاشوا].
1 / 32