فالضروري التصور هو ما عرفنا الماهية فيه بالضرورة ولم نقتفى في معرفتها إلى إكتسابها من الحد نحو علمنا بماهية الإنسان والموجود، وغير ذلك من الواضحات التي لا تحتاج إلى التحديد، والمكتسب ما لا يحصل معرفته إلا بإكتسابها بالحد، والحقيقة [20أ ] نحو علمنا بمعنى الجسم والعرض والسطح والمط، والذي يكتسب به علم التصور هو الحد والحقيقة المنقسم إلى اللفظي والمعنوي، والحقيقي والرسمي، والضروري من التصديق هو ما يكفي من العلم به بصورة مفردته، ولا يحتاج إلى إكتسابه من تصديق آخر، نحو علمنا بالبداية والمحسوسات، والمكتسب هو تقف العلم به على إكتسابه من تصديق آخر، وطريق إكتساب علم التصديق والحجة والبرهان المنقسم إلى الفعلي، والشرعي، فهذا هو الوجه في تقديم الكلام في حقيقة الواجب والمكلف، والنظر والمؤدي والمعرفة على الدليل على أن النظر واجب، وعلى أنه أول الواجبات، وهذا هو الوجه في أنا قدمنا الكلام في الحد والحقيقة، وما يتعلق به على الكلام في حقائق هذه الألفاظ، لأنه لا يحسن أن نتكلم في حد شيء معين إلا بعد معرفة معنى الحد وشروطه وطرق صحته، لذكرنا في ذلك مقدمة تكون توطية لحمله ما يجري ذلك في الكتاب.
وقدم الكلام في أن النظر واجب على أنه أول الواجبات لأنه لو تكلم في أنه أول الواجبات قبل أن نتكلم في أنه واجب لكان لقائل أن يقول: أثبتوا أنه واجب، ثم تكلموا أنه أول الواجبات.
وأما الموضع الثاني: وهو في الكلام على كل واحد منها، فقد بينا أنه يجب البداية بمعاني هذه الألفاظ، وإذا أردنا الكلام في ذلك تكلمنا في مقدمة لابد منها، والكلام منها يقع في خمسة مواضع:
أحدها: في معنى الحد والحقيقة في اللغة والاصطلاح وأسمائها.
والثاني: [20ب] في قسمتها، وحقائق أقسامهما وأمثلتهما والفرق بينهما.
والثالث: في شرائطهما.
والرابع: في طرقهما.
والخامس: فيما يحد وما لا يحد، وما يصح التحديد به وما لا يصح.
पृष्ठ 35