[5]
به فيه مضطلعا، وأن لا يضيع لكم فيما يلي من أموركم حقا. واعلموا أن لكم أعمالا يكفيكموها من دونكم، وأعمالا لا يضطلع بها سواكم، فاعرفوا حدود ذلك، ولا تتكلفوا ما يكفيكموه من تحت أيديكم، ولا تكلفوا ما يجب عليكم النظر فيه من سواكم، فإن حدث لكم فراغ بعد قضائكم ما عليكم، فاستعينوا بالتودع والراحة على ساعات الشغل.
وكان كشتاسب يقول للكتاب:
الزموا العفاف، وأدوا الأمانة في كل ما يفوض إليكم، واجمعوا على غزائزكم وعقولكم سماع الأدب، واستعملوا ما استفدتم من الأدب بما طبعت عليه عقولكم، وليكن اجتباؤكم بالقسط والمعدلة، ولا تزينوا لنا ما لا تليق بنا الأحدوثة به، والإيثار له.
ولما ملك أبرويز بن هرمز جمع رعيته وخطب عليهم خطبة، قال في فصل منها يخاطب وزيره:
اكتم السر، وأصدق الحديث، وأجهد في النصيحة، واحترس بالحذر، فعلي ألا أعجل عليك حتى أستأني، ولا أقبل عليك حتى أستيقن، ولا أطمع فيك فأغتالك.
وحكي أن الجور كثر الجور كثر في أيام الملك أنوشروان، فقال له موبذان موبذ:
أيها الملك، أني سمعت فقهاءنا يقولون: إنه متى لم يغمر العدل الجور في بلدة، ابتلى أهلها بعدو يغزوهم، وخيف تتابع الآفات عليهم، وقد خفنا ذلك بشيء قد فشا من جور أسبابك.
فنظر أنوشروان في ذلك، فاستقر عنده أن ظلما وجورا قد جرى، فصلب ثمانين رجلا منهم، من الكتاب خمسون رجلا، ومن العمال والأمناء ثلاثون رجلا.
وكانت الاكاسرة بعد أنوشروان تقول لأهل الخراج:
من كره منكم الأداء إلى العمال، فهذا بيت مالنا فأدوا اليه. فلم يكن عامل يبسط يده إلى ظلم أحد، خوفا من عدول الرعية إلى بيت المال بأداء الخراج، فيستدل بذلك على مذهبه.
ولم يكن يركب الهماليج في أيام الفرس إلا الملك والكاتب والقاضي.
पृष्ठ 8