وجهه كالعمامة. أما الوجهاء والشخصيات الهامة فيضعون قميصا كبيرا ذا أكمام عريضة، من قماش القطن الأزرق الذي يشترونه من تجار قادمين من السودان، وذلك لكي يتميزوا عن الآخرين. ولا يركبون سوى الإبل ويستخدمون لهذا سرجا يضعونه بين السنام وبين عنق الحيوان (134) وإنه لمنظر جميل أن يرى الإنسان هؤلاء الناس راكبين جمالهم. وأحيانا يضعون ساقا فوق ساق على عنق الجمل، وأحيانا أخرى يضعون أقدامهم في سيور مربوطة بالسرج بدون ركابات (135) ويستخدمون سهما مربعا من الحديد مثبتا في نهاية عصا طولها ذراع (136) ولكنهم لا يوخزون بها الحيوانات إلا في اكتافها. ولإبل الركوب، أي الهجن، منخار مثقوب، على طريقة بعض الجواميس التي ترى في إيطاليا ويمرر في هذا الثقب شريط من الجلد يمكن بواسطته تدوير الجمل أو توجيهه كما يقاد الجواد باللجام. ويستعمل هؤلاء الناس لنومهم حصرا من خيزران ناعمة جدا. ويصنعون خيامهم من وبر الجمل ومن ألياف خشنة تنمو بين براعم النخيل العليا (137). أما غذاؤهم فلا يستطيع من لم يرهم أن يتصور مدى صبرهم على تحمل الجوع. فليس من عادتهم أكل الخبز أو أية وجبة مجهزة، إذ يتغذون بحليب نوقهم. والعادة أن يشربوا صباحا صحفة كبيرة من الحليب الحار بمجرد خروجه من الضرع. أما في المساء فيتألف عشاؤهم من لحم مقدد مغلي في الحليب مع السمن. وعندما ينضج اللحم يتناول كل واحد نصيبه باليد.
وبعد أن يأكل قطعة يشرب المرق مستخدما يده ملعقة. وبعد ذلك يرشف صحفة من الحليب وتنتهي الوجبة. وعندما يكون الحليب متوافرا لديهم لا يهتمون مطلقا بالماء، ولا سيما في الربيع، وهي الفترة التي لا يغسل فيها بعضهم يده ولا وجهه بالماء. وذلك لأنهم في هذا الفصل لا يقصدون مناطق تتوافر فيها المياه، وهم ينزلون في هذه المناطق لتوافر الحليب عندهم من جهة، ولأن الإبل من جهة أخرى لا تحتاج في هذا الفصل إلى الماء لأنها
पृष्ठ 67