ينفك النزاع قائما بين القبيلتين على النبل، وقد نظمت في كلا الجانبين قصائد تحاورية يسرد فيها كل من الفريقين فضائله وأعماله المجيدة ومآثر قبيلته.
ومن المستحسن أن نعرف أيضا أن العرب القدامى الذين كانوا موجودين قبل ظهور أبناء إسماعيل يسمون عند المؤرخين الأفارقة العرب العاربة (129)، أي عرب جزيرة العرب. أما العرب الذين ينحدرون من إسماعيل فيسمون العرب المستعربة، وفيها معنى الحدوث، لأنهم لم يولدوا عربا (130). والعرب الذين قدموا لسكنى افريقيا سموا العرب المستعجمة، أي العرب المتبربرين، لأنهم سكنوا مع أمة أجنبية، ففسد لسانهم مع تطاول الزمن حتى اصبحوا من البربر (131).
وسيكون من الأفضل لو أمكن الرجوع لتاريخ العرب لابن خلدون، الذي ألف كتابا ضخما يكاد يكون مخصصا برمته لعلم أنساب العرب المتبربرة (*). ولم تحتفظ ذاكرتي الهزيلة أكثر مما استطعت قوله هنا، لأنني أؤكد أن نظري لم يقع على كتاب في تاريخ العرب منذ أكثر من عشرة أعوام. ومن ناحية أخرى رأيت كل العشائر العربية التي ذكرتها آنفا وكانت لي محادثات مع أهلها وظلت خصائصها عالقة في ذاكرتي.
عادات وأنماط معيشة الأفارقة الذين يعيشون في صحراء ليبيا
يطلق اللاتين عبارة النوميديين (132) على كل القبائل الخمس التي سبق لنا الكلام عنها، وأقصد بذلك زناقة والونزيقة والطوارق ولمتونة وبردوه. ويعيشون جميعا على أسلوب واحد، بدون أية قاعدة وبدون أي تعقل (133). ويتألف كساؤهم من «فوطة» ضيقة من صوف خشن. ويضع كل واحد فوق رأسه قطعة قماش سوداء ملفوفة حول
पृष्ठ 66