============================================================
وغيرهم من أسباب الخلاف بينه وبين الإمام أحمد بن حنبل، حيث كان يرى احمد إهمال هؤلاء المارقين، ويرى الإمام المحاسبي الهجوم عليهم، وتفنيد أفكارهم، وتعريتها أمام الجمهور ونحلة القول بخلق القرآن كانت نحلة اعتزالية في أصلها وفرعها، وهذا عدو من أعداثها، فلماذا لم يحمل مع من حمل للمحنة، ولماذا لم يتعرض للتعذيب كما تعرض غيره من العلماء: ولكي نجيب على هذا التساؤل يجب أن ندرك أن غير المحاسبي من ذوي الشأن في ذلك العصر لم يتعرضوا هم الآخرون لأذى السلطان في شأن خلق القران، من أمثال : بشر بن الحارث الحافي، والسري السقطي وغيرهما من أحاب مدارس التصوف. ولكن الفرق ثابت بين هؤلاء وبين المحاسبي، فلا السري ولا الحافي ولا غيرهما من رجال التصوف كانوا يهاجمون المعتزلة ويكتبون في تجريجهم الكتب، ويعقدون حلقات العلم . بل كان نشاطهم مقصورا على السلوك، وعلى بعض روايات السنة،... فالقول بأن المحاسبي كغيره من هؤلاء لم يكونوا موضع اهتمام السلطان في شأن المحنة قول غير مستقيم، من جهة أن المحاسبي إمام مجتهد محدث متكلم له باع طويل في تسفيه المعتزلة أفزع الإمام احمد نفسسه والذي نستطيع أن نقرره الآن : أنه ربما اعتمدت السلطة على النزاع الذي كان قد ثار بين أحمد وبين المحاسبي فظنت أنه لا خطر من المحاسبي:. أو أنهم عرفوه بما اشتهر عنه من الصلاح، وحب الخفاء والتفور من اجتماع الناس حوله، فلم يروا في رأيه مغنسما هم، ولا تاثيرا في الناس، ما دام الناس لا يشكلون اهتماما للمحاسبي في حياته وهو الذي يقول: "والله لو آن نصف الحخلق قد بعدوا عني ما استوحشت لبعدهم، ولو أن النصف الآخر اقترب مني ما است بقربهم " كان المحاسبي معنيا بإصلاح البواطن، وكان أحمد بن حنبل معنيا بظاهر الشريعة، ومن هنا كانت فتنة خلق القران ألصق بظاهر العلم منها بباطنه
पृष्ठ 25