ولما جمع بين أبي الحسن بن الفرات وحامد بن العباس وعلي بن عيسى في دار السلطان، وعلي بن عيسى كالسكة المحماة علي ابن الفرات، لأنه قرر في نفس المقتدر بالله مكاتبته الجنابي وحمله الألطاف إليه، بدأ ابن الفرات فقال لعلي ابن عيسى: يا أبا الحسن، بعد السن والوزارة والرئاسة والاستشهاد في الأطراف بالكفاية وعلو المنزلة صرت عونًا لهذا! يعني حامدًا قال علي بن عيسى: فكنت كنار صب عليها الماء فما ناطقته بحرف. فقال به أبو القاسم بن الحواري وكان يحطب في حبل حامد: وأي عيب في هذا؟ الجماعة خدم السلطان يتصرفون على ما رآه لهم وأمرهم به، ومنازلهم في الخصوص عنده غير منقوصة ولا محطوطة. فقال ابن الفرات لحامد لما أمسك علي بن عيسى: أيها الوزير، متى رأيت وزيرًا ضمن النواحي، وخرج يطوف على الغلات، ووكل خدمة الخليفة وعلم سره وتدبير العامة والخاصة إلى ضده، اللهم إلا أن يكون اشتاق إلى وطنه وداره؟ يعرض بأن له مالًا مستورًا يريد مراعاته فتحير حامد وأمسك. فلما أمسكوا قال ابن الفرات: لأي شيء جمعنا. فقال حامد: لتبين للسلطان خياناتك. فتبسم وقال: فبين بارك الله عليك فإن كفايتك حسنة. قال: كنت ترتفق من العمال. قال: أنت أحمد عمالي فإن كنت ارتفقت منك أو سامحتك بفضل في يدك أو حق ترك لك فاذكر ما يجب عليك رده ليلزمني أرش الجناية في المسامحة به والخيانة فيه.
1 / 79