ابن الفرات: أن رجلًا من اليهود ادعى أن معه كتابًا من رسول الله ﷺ، فأمره بإخراج الكتاب، فلما قرأه قال: هذا مزور، لأن خيبر افتتحت بعد تاريخ كتابك بسبعة وستين يومًا، ولكنا نحتمل عنك جزيتك إعظامًا لحق من لجأت بالاعتصام به. قال أبو القاسم قريب: فرجع إلى كتب التاريخ فوجد الأمر كما ذكره ابن الفرات. وقال أبو الحسن بن الفرات في مجلسه وفيه خواصه وقد جرى ذكر السواد: لم سمي السواد سوادًا؟ فذكر كل واحد ما عنده. فقال: ليس كذلك، إنما سمي السواد لأن العرب لما جاءته في أيام عمر ابن الخطاب ﵁، وأشرفت عليه، ونظرت إلى مثل الليل من النخل والشجر والزرع والمياه قالت: ما هذا السواد؟ فسمي سوادًا لذلك. والعرب تقول: سواد الأرض وبياضها، فالسواد: العامر. والبياض الغامر. وحدث أبو عمر بن الأطروش قال: كنت بحضرة أبي الحسن علي بن الفرات يومًا وهو جالس للقواد، فعرض أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر بن الخياط رقاعًا كثيرةً، فوقع فيها، حتى بلغ إلى بعضها فقرأها ووضعها بين يديه، فعاوده أحمد فيها، فقال: يا هذا، إن كان بيني وبين علي بن عيسى ما يعرفه الناس فإنني لا أدع الصدق عنه وقول الحق فيه حيًا كان أو ميتًا. علي بن عيسى لا يطلق يده بمثل هذه التوقيعات في أموال السلطان، ولا يتجوز، مع المألوف منه في الاستقصاء والاحتياط وتجنب ما يعيبه. وقد أمسكت عن أن أقول هذا القول حتى أحوجتني إليه.
وأومى أن التوقيع مزور. فخجل ابن الخياط وقام.
1 / 78