وانحدر الناس في يوم الاثنين إلى دار السلطان فلم يصلوا، وكتب هؤلاء الرؤساء إلى المقتدر بالله رقعة بأنه إن تأخر قتل ابن الفرات وابنه عن يومهم جرى ما لا يتلافى. وأشاروا إلى ما عظموا الأمر فيه. فوقع إلى نازوك بأن يركب إلى موضعهما ويضرب أعناقهما ويحمل رأسيهما. فقال نازوك: هذا أمر لا يجوز أن أعمل فيه بتوقيع. فأمر المقتدر بالله الأُستاذين الخدم بأداء رسالة عنه إليه في هذا المعنى، فخرجوا وأدوها، فامتنع وقال: لا بد من المشافهة بذلك، فأُمر بأن ينصرف ويعود على خلوة، فمضى وعاد، فأوصله المقتدر بالله حتى سمع قوله. وكان ابن الفرات يراعي الخبر، فلما عرف انصراف الناس ونازوك سكن قليلًا ثم قيل له: قد عاد نازوك. فخاف وأيقن بالهلاك، وصار نازوك إلى دار الوزارة بعد الظهر من ذلك اليوم، وجلس في الحجرة التي كان ابن الفرات معتقلًا فيها، وأنفذ عجيبًا خادمه ومعه جماعة من السودان حتى ضرب عنق المحسن ابنه وجاء برأسه إلى أبيه فوضعه بين يديه، فارتاع لذلك ارتياعًا شديدًا. وعرض هو على السيف. فقال لنازوك: يا أبا منصور ليس إلا السيف! راجع أمير المؤمنين في أمري فإنني أقر بأموالي وودائعي وعندي جوهر جليل. فقال له نازوك: جل الأمر عما تقدر. ثم أمر به فضربت عنقه وحمل رأسه ورأس المحسن إلى دار السلطان مع عجيب خادمه فغرقا في الفرات وطرحت جثتاهما في دجلة. ومضى ابن الفرات عن إحدى وسبعين سنة وشهور، والمحسن عن ثلاث وثلاثين سنة. وكانت مدة وزارته الثالثة سنة واحدة.
1 / 71