خلعوا الطاعة، وأن يثبتوا على هذا القول ثبات التظافر وقوة العزيمة، وإلا فإن حصل ابن الفرات عند السلطان وأدى ماله وتوثق لنفسه ضمن الجاعة منه، وحمله على القبض عليهم وتسليمهم إليه. فقال مؤنس: هذا أمر متى لم نفعله لم تسكن نفوسنا ولم يصف عيشنا. وتكفل هارون بن غريب ونازوك بجمع القواد ووجوه الغلمان الحجرية وموافقتهم على ذلك. وقام يلبق باستحلاف قواد مؤنس. فلما كان يوم الخميس السابع من شهر ربيع الآخر كاشفوا المقتدر بالله وقالوا: إن لم يقتل ابن الفرات وابنه خلع الأولياء كلهم الطاعة. فقال لهم: دعوني حتى أفكر. وجد هارون بن غريب خاصة. وأرادت الجماعة من الخاقاني التجريد في ذلك فقال: ما أدخل في دم. والذي أشرت به أن يمنع من حمله إلى دار السلطان. فأما قتله فإنه خطأ؛ لأنه متى سهل القتل على الملوك ضروا عليه، ولم يميزوا فيه. وقدم إلى ابن الفرات طعامه في يوم الأحد الثاني عشر من الشهر فامتنع عنه وقال: أنا صائم. وحضر وقت الإفطار فأعيد إليه فقال: لست أُفطر الليلة. واجتهد به فلم يفعل وقال: أنا مقتول في غد لا محالة. فقيل له: نعيذك بالله. فقال: بلى، رأيت البارحة في النوم أبا العباس أخي وقال لي: أنت تفطر عندنا يوم الاثنين الذي هو غد. وما قال لي في النوم شيئًا إلا صح، وغد يوم الاثنين، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسن صلوات الله عليه.
1 / 70