من جهة القرمطي. ووجد المحسن في زي امرأة، وقد قص لحيته، وخضب يديه ورجليه، ولبس قميصًا معصفرًا. فأوقع به ابن بعد شر من وقته مكروهًا عظيمًا، وأخذ خطه بثلاثة آلاف دينار، يؤدي الربع منها معجلًا.
وحضر من غد هارون بن غريب، وخاطبه على إظهار ماله، فوعده بتذكر ودائعه والدلالة على مواضعها، وناله مكروه عظيم في يومين فلم يذعن بدرهم واحد. وقال: لا أجمع بين ذهاب نفسي ومالي. وأعيدت مخاطبته ومطالبته بمحضر من هارون بن غريب وشفيع اللؤلؤي. وجدد المكروه عليه، وقال له هارون: هبك لا تقدر على سبعمائة ألف دينار فما تقدر على مائة ألف دينار؟! قال: بلى إذا أُمهلت وأزيل عني المكروه. فقال له: نحن نمهلك ونرفهك، فاكتب خطك بأنك تؤدي مائة ألف دينار. فكتب وقال: في مدة ثلاثين يومًا. فلما قرأ ذلك هارون قال له: كأنك تريد أن تعيش ثلاثين يومًا: فخضع المحسن وقال: أفعل ما يأمر به الأمير. فقال له: اكتب أنك تؤديها في سبعة أيام. فارتجع الرقعة ليكتب بدلًا منها، فلما حصلت في يده خرقها وأكلها. وضرب على رأسه وسائر جسده بالطبرزينات على أن يكتب غيرها فلم يكتب. فقيد حينئذ وغل، وأُلبس جبة صوف وجبة شعر، وأعيد إلى مجلسه، وعذب بكل شيء، فلم يعط درهمًا واحدًا. وتشاغل أبو القاسم الخاقاني بوفاة أبي علي محمد أبيه، فوقف الأمر في مطالبة ابن الفرات. فلما كان يوم الأربعاء لست بقين من شهر ربيع الأول حضر مؤنس
1 / 65