بكرة يوم الخميس على هذه السبيل إلى مقابر قريش، فأمست مساء بعد عليها معه الوصول إلى دواخل الكرخ، فوصفت لها امرأة كانت معها منزل امرأة تعرفها وتأمنها، ولا زوج لها لأنه توفي قبل ذلك بسنة، فحملته خزابة ومعه جماعة نساء إلى هذه المرأة التي ذكرت لها وهي غير عارفة بها، ودخلت الدار وقالت: معي امرأة عاتق لم تتزوج وقد انصرفت من مأتم وضاق عليها الوقت، وسألتها أن تفرد لها موضعًا. فأفردت لها بيتًا في صفة، وأدخلت المحسن إليه وردت الباب عليه، وجلست النسوة معه في البيت، ووافت جارية سوداء للقوم بسراج فتركته في الصفة، وجاءت خزابة إلى المحسن بسويق ليشربه وقد نزع ثيابه. واطلعت الجارية السوداء فرأته من غير أن تشعر بها خزابة، وعلمت أنه رجل، فحدثت مولاتها بذلك، فلما تصرم الليل قامت مولاتها إلى الموضع سرًا حتى شاهدته. وكان من سوء الاتفاق أن كانت المرأة زوجة محمد بن نصر وكيل أبي الحسن علي بن عيسى على نفقاته، وكان المحسن طلبه فحضر ودخل ديوانه، ورأى ما يعامل الناس به من المكاره، فمات فزعًا من غير أن يكلمه المحسن أو يوقع به مكروهًا. فمضت المرأة في الوقت إلى دار السلطان حتى وصلت إلى نصر الحاجب، وشرحت له الصورة. وأنهاها نصر إلى المقتدر بالله. فتقدم بالبعثة إلى نازوك بالركوب إلى الموضع والقبض عليه. فركب من وقته وكبسه وأخذه. وضربت الدبادب ليلًا عند وصوله حتى ارتاع الناس لأصواتها، وظنوا أن حادثًا حدث
1 / 64