وحضر هارون دار الخاقاني واستحضر ابن الفرات وناظره ابن بعد شر بحضرته. فلما خرج من القول إلى الإسماع زبره هارون وقال له: تريد أن تستخرج المال من ابن الفرات على هذا الوجه! وأقبل على ابن الفرات وقال له: أنت أعرف بالأمور من أن تعرفها. والخلفاء لا يلاجهم كتابهم ووزراؤهم إذا سخطوا عليهم، والرأي لك، غير ما أنت فيه. فقال: أشر علي أيها الوزير، فإن الرأي عازب عني مع حصولي فيما أنا حاصل فيه. ولم يزل معه في مقاولة ومراوضة إلى أن أخذ خطه بألفي ألف دينار يعجل منها الربع، على أن يحتسب له من الربع بما صح من ودائعه بإقراره وغير إقراره منذ وقت القبض عليه، ويطلق في بيع ما يستبيع من ضياعه وأملاكه وينقل إلى دار شفيع اللؤلؤي أو غيره من ثقات السلطان، ويطلق أبو الطيب كاتبه ليتصرف له في أموره، وتطلق له الدواة ليكاتب من يريد أن يكاتبه، ويؤذن لمن يبتاع شيئًا من أملاكه في الوصول إليه. وصار هارون بن غريب بالخط إلى المقتدر بالله فعرضه عليه. واتفق أن وجد ابنه المحسن ليلة الجمعة الحادية عشرة من ربيع الأول، فقبض عليه، وحمل إلى دار الوزارة بالمخرم. وكان من شرح الحال في أخذه أنه لجأ في استتاره بعد القبض على أبيه إلى حماته خزابة والدة الفضل بن جعفر بن الفرات، فكانت تحمله كل يوم بكرة إلى المقابر في زي النساء، وتعيده إلى المواضع التي تثق بها، فمضت به
1 / 63