قال بعضهم: استحقاق المدح على العدل والإحسان، والذم على الظلم والعدوان ضروري يشهد به الوجدان ويحكم به نفاة الأديان ومن قصر الحسن والقبح على صفة الكمال ونقيضهما وأنكرهما في المذكورين المتنازع فيهما فقد كابر مقتضى عقله، وقال قدماء المعتزلة والبراهمة: يحسنان ويقبحان لذاتيهما، وقد أشار إلى الرد عليهم فقال: (لا لذاتيهما لاداه) أي هذا القول (إلى وجوب النقيضين) الحسن والقبح (من جهة واحدة).
لأن العلة الواحدة وإن ناسبت النقيضين باعتبارين فكذلك من جهتين وهي الحسن والقبح، (وهو ممتنع إتفاقا) أي من جهة واحدة هي الذات وذات الأفعال كلها هي الكون فقط، لا ذاتي لها غيره، لأنها بسيطة لا تتمايز إلا بعوارض خارجة عن الذات كالمشخصات وذلك كالسجود لله فهو حسن باعتبار كونه سجودا لله، والسجود للصنم قبيح باعتبار كونه سجودا للصنم وكتأليم نحو المستحق للتأليم حسن باعتبار كونه مستحقا وقبيحا في غير المستحق، قالوا: لو لم تكن هي الذات لما امتنع الكذب ونحوه من الله ورد بمنع اللازم، لأنه قبح لعدم المرجح وكونه صفة ذات، فقد يحسن في بعض الأوقات وقد ورد أن في التعريض مندوحه عن الكذب.
وقالت الأشاعرة: إنما يتعلق بالفعل والترك المدح والذم، للأمر والنهي فقط.
لنا: لو انحصرت علة الحسن في الطلب لم يتعلق المدح عقلا بفعل الله واللازم باطل بالضرورة فإنه محمود ممدوح بأفعاله بلسان المتشرع وغيره وليس بمأمور.
باب الأفعال
مسألة: (وحسن فعل الله معلل بالحكمة لو لم تكن كذلك)، أي معللة بالحكمة (لزم الإضطرار) لو كانت بالذات لوجوبها (أو العبث وكلاهما باطل).
पृष्ठ 11