بسم الله الرحمن الرحيم
(مسئلة النظر واجب عقلا) ولفظة النظر مشتركة بين الفكر والعين والمقابلة والانتظار والرحمة.
البهاشمة: هو جنس مغاير للعلم والاعتقاد فإنه هو المولد للعلم.
الأشاعرة: تردد أنحاء العلوم الضرورية وزعموا أن حصول العلم عقيبها بمجرى العادة.
الفلاسفة: استعداد النفس لإفاضة العلم من جهة العقل، أبو الهذيل وأبو الحسين استحضار العلوم الضرورية فإنها هي الموجبة للعلم(1)، أما وجوبه (فلتوقف معرفة الصانع) للمصنوعات (عليه) أي: على النظر إذ معرفته واجبة لكونها لطفا وتحصيلها لا يكون إلا بالنظر لتعذر سائر الطرق الموصلة إليها فيجب أن يكون واجبا لوجوبها أو لكون شكر المنعم واجب والإخلال به قبيح عقلا وهو لا يتم إلا بالمعرفة التي لا يصح أن تتولد بدون نظر عقلا (عند من لم يجعلها) أي المعرفة (ضرورية) وهو المؤيد بالله والإمام عز الدين والهادي بن إبراهيم والإمام محمد بن القاسم والقاسم بن علي العياني والفقيه حميد الشهيد وغيرهم أنه يجوز حصولها ضرورة لبعض الأنبياء ونحوهم، وقيل مطلقا، ويشهد لقولهم {أفي الله شك فاطر السموات والأرض}، وأن (المولود يولد على الفطرة) الخبر.
ثم قال: (ولما فيه) أي النظر (من نجاة الناظر عن الهلكات) وذلك أن النظر يندفع به الضرر ودفع الظرر واجب، فهو واجب بيان أنه يندفع به الضرر لأن المكلف إذا كمل عقله فلا بد أن يخاف من ترك النظر لما فيه من الخطر فيطلب جهة الأمن ولا يبلغها إلا بالنظر لينجو من العطب وإنكار تقرره في العقول مكابرة.
पृष्ठ 4
مسألة: (ومعرفة الله الاجمالية) المستفادة من النظر في المخلوقات على وجه الحقيقة لامتناع ما سوى ذلك (واجبة عقلا) وذلك (لأجل القيام بواجب شكره على ما أنعم) كما هو رأي القاسم والهادي وغيرهما (وشكر المنعم واجب عقلا) لتوجه ذم المخل عند المتشرع وغيره ( وشكر النعمة لا يتم إلا بمعرفة المنعم) بكسر المهمله (فما لا يتم الواجب) وهو الشكر (الابه) وهي المعرفة (يجب كوجوبه) ليؤدي الواجب على نهج القبول لامتناع شكر المجهول (وفي النهج) أي نهج البلاغه للرضي، قال أمير المؤمنين عليه السلام : (أول الدين معرفته ولعله حيث ترتب صحة الشكر على المعرفة جعلت أولية) للشكر (لا من حيث الاستدلال) يعني: من طريقة تنزيل الدليل وتحريره ليتم الوجوب لأنها قد تحصل المعرفة من جهة النظر إلى حدوث العالم بدون جولان للشكر على الخاطر وقيل: وجب النظر بالعرض لا بالذات إذ هو وصلة إلى المعرفة، والمعرفة هي المقصودة بالوجوب.
مسألة: (وصفاته) أي الله (واجبة له تعالى وإلا لزم نفيه عند من يقول صفاته ذاته) وهم جمهور أئمتنا عليهم السلام، قال أمير المؤمنين عليه السلام: ومن لم يصفه فقد نفاه (أو عجزه عند من لم يجعلها الذات) كأهل المعاني والأحوال.
مسألة: (والذي عليه عامة الآل عليهم السلام أن صفاته تعبير عنه وليست غيره) وذلك ( لئلا يلزم التعدد في القدماء أو التكثر في الذات، أو التلاشي إن قالوا : لا شيء وكلامهم مسطور في المطولات وكفى بالقرآن دليلا حيث عبر سبحانه عن الذات بصفته، قال سبحانه حاكيا عن فرعون:{قال وما رب العالمين(1) قال رب السموات والأرض وما بينهما}، إلى قوله: {رب المشرق والمغرب...الآيات}، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزاه، ومن جزاه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده...إلخ.
पृष्ठ 5
لأنا نقول لهم هذه المعاني والمزايا والأحوال: لا تخلو إما أن تكون هي الذات أو غيرها، الثاني : باطل، لأنها لا تخلو إما أن تكون شيئا أولاشيء، إن كان الأول لزم التعدد في القدماء أو الحدوث أو لا شيء ولزم التعطيل ولا يلتزمون ذلك، قال مثبتوا المعاني: ليست بعرض ولا هي هو ولا غيره، وقال أهل المزايا: لا توصف بوجود ولا عدم ولا حدوث ولا قدم ولا هي شيء ولا لا شيء وحيث فروا من التعطيل والتعدد والتكثير، قال: (والصحيح أن الخلاف لفظي، لأن قولهم لا هي) أي المزايا والمعاني (الله ولا غيره ولا شيء ولا لاشيء متناقض) إذ قد أثبتوا شيئا غير خارج أعني (1) مباين للذات ( فيعود إلى قولنا) إنها تعبير عن الذات لفرارهم من التعطيل (وكذا أهل المعاني مع الفرار من التعدد) في القدم والحدوث ( حيث لم يعددوا ولم يعطلوا) فلم يبق إلا قولنا بخلاف من أثبتها أي الصفات مباينة (وقدوهم بعضهم) أي بعض العلماء كالمحقق المفتي محمد بن عز الدين رحمه الله، فقال: ( إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لن تقدروا قدره) (وقول علي عليه السلام من تفكر في غير الذات وحد، ومن تفكر في الذات ألحد، نهي عن النظر في الصفات كالذات لا تحادهما) أي الذات والصفات، (والجواب أن الإثبات) للصفات (والتعبير) بالصفة عن الذات (ليس من التفكر في الحقيقة) أي في كنه الذات (على الحقيق كيف وقد ورد بالتعبير القرآن) في جواب موسى عليه السلام على فرعون وجواب إبراهيم عليه السلام على النمرود وغير ذلك، (والسنة) النبوية صلى الله وسلم على صاحبها وآله في كلام كثير بسند صحيح شهير (وكلام السلف وهو عنوان التصديق)، أي الكاشف لصحة التصديق، لأن من لا يعلم الصفة لم تتم له معرفته كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في النهج أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة إلى آخر كلامه، وقال: الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود ...إلخ.
فهل هذا إلا التعبير عن الذات المقدسة ومن تتبع خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخطب أصحابه يعلم أنهم يعبرون عن الذات بالصفة وإذ يلزم من المنع إطلاق حمل الصفات على الحقيقة المقتضي للمشابهة والتجسيم.
قلنا: (ولا يلزم من تعدد النعوت تعدد المنعوت) أي الذات، فلذا قال: (لأن مرجع صفات الإدراك من السمع والبصر إلى العلم) لتعذر الآلات على واجب الذات، لأن إحاطة علمه ليست بالحواس الباطنة ولا الظاهرة بل بذاته المقدسة ووافقنا أبو الحسن الأشعري، (كما ترجع صفات التأثير من الإرادة والاختيار إلى القدرة)، فأن الإرادة والاختيار عبارة عن تعلق القدرة بالمقدور والتعليق غير التعلق، فأن تعلق مطاوع التعليق فتعلق بالفتح فعل، والتعليق إرادة واختيار والمتعلق بكسر اللام، قدرة وبفتحها مقدور (وظاهر كلام الهادي عليه السلام، أن صفة الحياة ترجع إلى العلم وهي) أي الحياة (عبارة عما لا يصح الادراك إلا معه فلذلك جعلوها شرطا للعلم والقدرة)، قال الهادي عليه السلام: معنى الحي في حقه تعالى الذي يجوز منه الفعل والتدبير، (لكن فيه نظر إذ الشرط واجب التقدم) فلهذا (قيل) أبو الحسين وغيره: (هي) أي صفة الحياة جعلوها (جزء من المقتضي إذ لو تقدمت كان العلم والقدرة حادثين فوجب أن تكون صفة الحياة عبارة عن صحة إدراك الذات للمدركات ولم نرجعها) أي صفة الحياة (إلى) صفة (القدرة لظهور أن لها) أي القدرة (تعلقا مؤثرا بالصور الحسية) لا المعنوية (ولا كذلك الحياة والعلم) لادراكه المعنوي كأفعالنا الماضية ونحو ذلك، إذ تحقق بمجرد الإحاطة وإدراكه الحسي.
पृष्ठ 7
مسألة: ولما كثر الاختلاف في معنى الارادة، قال عن بعض الإثبات (قيل والواجب علينا في تعريف الارادة ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام يريد ولا يضمر) أي الإيمان بالارادة مع تنزيهه عن إرادة المخلوقين المستلزمة للإضمار (يحب ويرضى من غير رقة ويبغض ويغضب من غير مشقة) انتهي كلامه عليه السلام، (وذلك لمباينة الخالق المخلوقين) لو أبقيناها على ظواهرها لما باينهم ولكان قد شابههم وماثلهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (ومن قال هي) أي الإرادة واجبة (للذات) أو واجبة (بها) أي بوجوب الذات (يلزم وجوبها) أي الإرادة لوجوب الذات (ونفي الاختيار) والله يتعالى عن ذلك (مع التعدد إن كانت معنى) غير الذات (أو صفة خارجة) عن الذات (والحدوث إن تأخرت) أي لضرورة تقدم العله على المعلول (فأما من الغير) يعني إرادته من الغير (فيجب إمتثال أوامره) الموصلة إلى دار رحمته (قال سبحانه: {يريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة}، وما روى مسلم) ابن الحجاج في كتابه المسمى بالصحيح ( في حساب العاصي قد أردت منك أيسر من ذلك) يعني الطاعات (وهما نص في محل النزاع) بين من زعم أن الأمر غير الارادة وأنها تتعلق بالمعاصي، ومن زعم أن الارادة: الأمر (وتأويلهما لغير ملجي تعسف)، لأنهم تأولوا الخبر بأن المعنى إرادة طلب ويلزمهم تعدد الإرادة وهذا التأويل غير مطرد في معنى الآية ولو سلمنا ذلك في معنى الخبر (ويكره ما نهي عنه، قال سبحانه: {إنه لا يحب الفساد} {ولا يرضى لعباده الكفر} وقوله: {وكان سيئه عند ربك مكروها}، وقول أمير المؤمنين عليه السلام وبين لكم محابه من الأعمال ومكارهه لتتبعوا هذه) أي المحاب وهي الطاعات، (وتجتنبوا هذه) أي تجتنبوا المعاصي، أما المحبة والرضى والكراهة فلا خلاف بين المعتزلة والماتريدية والأشعرية إلا الجويني وإنما الخلاف في حقيقة الإرادة فالذي نص عليه الهادي والمرتضى ونقل عن عامة الآل أن إرادته تعالى في أفعاله فعله وفي أفعال غيره الأمر بها وكراهته لفعل غيره النهي عنه وأرادته للخبر عما أخبر به هو الخبر به، وكذى كلام القاسم عليه السلام، وقيل: هي الداعي ورجحه الإمام يحيى عليه السلام وهو محل تأمل، لأن الداعي يستلزم الحاجة. وقيل العلم(1).
وروي عن القاسم بن إبراهيم عليه السلام وغير ذلك، حتى قال بعض المتأخرين كالإمام الحسن بن بدر الدين، والإمام أحمد بن الحسين الشهيد ووالدنا الإمام الهادي الحسن بن يحيى بن علي واختاره المفتي: لا تجب معرفة الإرادة ولا لماذا كان مريدا جملة ولا تفصيلا بالدليل العقلي بل الإيمان الجملي بالسمع في ذلك كاف في الجملة...الخ.
وقد قدمنا إشارة في ذلك في المسألة تقدمت قبل هذه.
وقالت الأشاعرة: الإرادة معنى قديم كسائر المعاني وقيل: محدث لا في محل، قال في الجامع الكافي، قال الحسن: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه من أحسن فلله عليه المنة ومن أساء فلله عليه الحجه في إسائته وغير معذور في معصيته ولن يخرج الخلق من قدرة الله تعالى وتدبيره وملكه، وقال الحسن بن يحيى ومحمد بن منصور في لفظ آخر للعباد أفعال ومشيآت نسبها الله إليهم وعلم الله إرادته ومشيئته محيطة بإرادتهم فلا يكون منهم إلا ما أراد وعلم أنه كائن منهم وقد أراد خلقهم وخلقهم بعد علمه بما هو كائن منهم وأنه لا يكون منهم إلا الذي كان وقد سبق علمه أنه يكون منهم مؤمن وكافر ومطيع وعاص وقد أراد أن يتم كون ما علم أنه كاين.
पृष्ठ 9
قلت: وهذا هو الجامع لأطراف كلام الآل من أن الله أراد أن يكونوا مختارين وعلى أفعالهم مجازين ممدوحين أو مذمومين ومن خرج منهم عن هذا الجامع فمن غير أهله أخذ.
باب الحكمه والعدل
(مسألة الحكمه مرجح الفعل أو الترك المناسب له) أي للمرجح (عقلا) وأن خفي علينا فأفعال الله سبحانه وتعالى محكمة كما دلت عليه الآيات القرآنية ومنكر ذلك منكر للضرورة كما أشار إليه في إيثار الحق (والعدل إيقاع ذلك) أي الفعل أو الترك (لأجل ذلك المرجح) فيخرج العبث إذ لا يكون لمرجح رأسا (والجور ضده) لعدم المرجح المناسب للعقل وإن ناسبه في الشهوة لمرجوحيتها (ومنه) أي من الجور (الظلم) كتعذيب من لا يستحق التعذيب وتكليف ما لايطاق والتساوي بين العاصي والمطيع في الدارين ومنه قول المعتزلة: أن الله خلق العاصي على بنية لا تقبل اللطف.
وقول الأشاعرة: إنه يضل العاصي قبل عصيانه لمجرد القضاء والقدر والله ينزه نفسه وأحكامه عن الظلم، قال سبحانه: {وما يضل به إلا الفاسقين} {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} والإضلال من جنس العقاب فهؤلاء خصماء القرآن بل خصماء الرحمن أيخلقهم على بنية لا تقبل الهدى ثم يلزمهم به؟ هذا تكليف ما لا يطاق! قال سبحانه: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، والمصيبة في الدين أعظم المصايب، وقال: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم...الآيه}.
قالوا: يجوز ذلك ابتلاء لا عقاب.
لنا: ما تقددم ولعدم الدليل على ذلك، لأن ما يؤدي إلى الظلم من غير مرجح مناسب للعقل والفطرة التي فطر الله الناس عليها ظلم وجور، قال تعالى: {إنا هديناه السبيلا إما شاكرا وإما كفورا}، وقال: {ثم السبيل يسره}، {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}.
مسألة: (وللعدل والجور يحسن الفعل والترك)، بمعنى كونهما سببا للمدح إن كانا عدلا، (ويقبحان) أي الفعل والترك بمعنى كونهما سببا للذم والعقاب في حقنا إن كانا جورا.
पृष्ठ 10
قال بعضهم: استحقاق المدح على العدل والإحسان، والذم على الظلم والعدوان ضروري يشهد به الوجدان ويحكم به نفاة الأديان ومن قصر الحسن والقبح على صفة الكمال ونقيضهما وأنكرهما في المذكورين المتنازع فيهما فقد كابر مقتضى عقله، وقال قدماء المعتزلة والبراهمة: يحسنان ويقبحان لذاتيهما، وقد أشار إلى الرد عليهم فقال: (لا لذاتيهما لاداه) أي هذا القول (إلى وجوب النقيضين) الحسن والقبح (من جهة واحدة).
لأن العلة الواحدة وإن ناسبت النقيضين باعتبارين فكذلك من جهتين وهي الحسن والقبح، (وهو ممتنع إتفاقا) أي من جهة واحدة هي الذات وذات الأفعال كلها هي الكون فقط، لا ذاتي لها غيره، لأنها بسيطة لا تتمايز إلا بعوارض خارجة عن الذات كالمشخصات وذلك كالسجود لله فهو حسن باعتبار كونه سجودا لله، والسجود للصنم قبيح باعتبار كونه سجودا للصنم وكتأليم نحو المستحق للتأليم حسن باعتبار كونه مستحقا وقبيحا في غير المستحق، قالوا: لو لم تكن هي الذات لما امتنع الكذب ونحوه من الله ورد بمنع اللازم، لأنه قبح لعدم المرجح وكونه صفة ذات، فقد يحسن في بعض الأوقات وقد ورد أن في التعريض مندوحه عن الكذب.
وقالت الأشاعرة: إنما يتعلق بالفعل والترك المدح والذم، للأمر والنهي فقط.
لنا: لو انحصرت علة الحسن في الطلب لم يتعلق المدح عقلا بفعل الله واللازم باطل بالضرورة فإنه محمود ممدوح بأفعاله بلسان المتشرع وغيره وليس بمأمور.
باب الأفعال
مسألة: (وحسن فعل الله معلل بالحكمة لو لم تكن كذلك)، أي معللة بالحكمة (لزم الإضطرار) لو كانت بالذات لوجوبها (أو العبث وكلاهما باطل).
पृष्ठ 11
وقالت الأشاعره: لا (وقولهم) أي الأشاعرة (لوجب إنتهاء الحكمة) الباعثه على الحكم (إلى غاية وهي) أي الغاية (لذة عقلية أو بدنية وإلا تسلسل) مع فقد اللذة (واللذة ممتنعة على الله لنا) عليهم (منع الانحصار فيهما) أي اللذتين العقلية والبدنية (مسندا إنتهائها) أي الحكمة (إلى صفة كمال لا تعلل بغير ذاتها كالكرم لأنه حسنة) أي الكرم (لذاته) فلهذا قيل في تعريفه: أنه إفادة ما ينبغي لا لغرض فحسنه كحسن العلم والقدرة ونحوهما ولا ينافي ذلك الاختيار وإن لم يحتج إلى مرجح كما لا تحتاج صفات الله الذاتية إلى مرجح لها على نقايضها وإلا لزم (التسلسل) في المرجحات (بما لا يجوز على الله ولا يعقل) من توارد المرجحات على النقايض أو يلزم التعطيل وذلك أن الله لا يوصف بوجود ولا علم ولا قدره وقد استوفى في إيثار الحق، الاستدلال على المسألة والرد لقول المخالف بما يشفي اللبيب.
مسألة: (وللعبد قدرة مستقلة بالتأثير)، أما القدرة فمع التحقيق أن الجهمية والأشاعرة لا يخالفون فيها فلذا قال: (ومنع الأشاعرة الاستقلال) وللمعتزلة والمجبرة في هذه المسألة نحو أربعة عشر قولا استوفاها في الإيثار مع الميل إلى تنزيه الأشاعرة.
(لنا: أن القدرة معدة لتأثير الضدين كالقوة العاقلة المعدة لادراكهما) أي الضدين ولا قايل بأن العقل غير مستقل بادراكهما فالفرق بين القوتين تحكم صرف.
(قالوا): قدرة (موجبة) للفعل من الله بعد اعتبار العبد من كونها طاعة أو معصية.
(قلنا: فلا مشاركة) للعبد (لأن الموجب) وهو الله (مستقل بالتأثير وغيره) أي غير المستقل (طرد) أي تابع (في المؤثر) وبذلك يبطل القول بأن الفعل مقدور بين قادرين.
(قالوا): ثانيا (الكسب غير الفعل الواجب عن القدرة) المؤثرة (لأن الفعل كون وهو ذات كالجوهر ولا يقدر على الذوات غير الله).
पृष्ठ 12
قلت: وهذا محل النزاع (ورد بمنع كون الفعل ذاتا بل صفة مقدورة للعبد وإلا لم يتحقق الكسب) إن كان الفعل ذاتا، قال في الإيثار: فإن قال جاهل حجة الأشعريه على أن أعمالنا مخلوقة أنها ذوات لا صفات، ولا أحوال، ولا يقدر على شيء من الذوات إلا الله، فالجواب من وجوه:
الأول أوضحها: وهو أنهم لا يقولون بذلك بل يقولون أن أفعالنا هي الأحوال والوجوه والاعتبارات المتعلقة بتلك الذوات وذلك هو معنى الكسب كما تقدم، وثانيها أنهم منازعون في أن الأكوان التي هي الحركه والسكون والاجتماع والافتراق ذوات بل هي صفات أو أحوال كما ذهبت إليه الجماهير وأهل التحقيق كابن تيميه وأصحابه منهم وأبو الحسين وأصحابه من المعتزله ومن لا يحصى كثره من سائر طوايف الشيعه والمتكلمين، وثالثها: أنه لا نسلم لهم أنه لا يقدر على شيء من الذوات إلا الله تعالى بل قد خالفهم في ذلك إمامهم الكبير أبو المعالي الجويني والشيخ أبو إسحاق وأصحابهما.
पृष्ठ 13
فقالوا: إنه يقدر على ذلك من أقدره الله تعالى عليه ومكنه منه وأراده له. انتهى وقد تقدم له أنهم يقولون أن الأكوان ذوات حقيقية وبعضهم قال: الأكوان ذوات ثبوتيه هي فعل الله، وفعل العبد كسب يتعلق بها وهي متميزة منه وبعضهم ذهب أنه لا فعل للعبد إلا الاختيار فمتى اختار الطاعة خلقها الله عقيب اختياره وكذلك المعصية فتأمل كيف جعل كلامهم موافقا لأبي الحسين المعتزلي وابن تيميه الظاهري، (لأنه) أي الكسب (إن كان أمرا اعتبره العبد في فعل الرب من طاعة أو معصية أو نحو ذلك) كالمباح (م يصح تعلق الاعتبار بفعل الغير) أي غير المعتبر (وإلا عم الفعل غير الفاعل) أي وإلا لكان فعل الواحد طاعة أو معصية لكثيرين إذا اعتبروهما في فعله فأثيبوا وعوقبوا بفعل غيرهم، وذلك باطل بضرورتي العقل والشرع (وإن كان) أي الكسب (أمرا وجوديا متميزا فهو كون آخر) والمفروض أن ليس هناك إلا كون واحد أثر في الأثر وأن العبد لا يقدر على الكون (أو غير متميز) بل الكون واحد مقدور بين قادرين لا يتميز مقدور أحدهما عن مقدور الاخر(اجتمع فيه النقيضان الوجوب بإيجاب القدرة والجواز باختيار الكسب وانتفاء المشاركة) بينهما (فيه إن استقل به أحدهما لما تقدم) من أن الموجب مستقل بالتأثير وغيره طرد في المؤثر.
(قالوا: الإلهيات تستلزم الجبر) من كونه لا يقع في ملكه مالا يريد وغير ذلك من التعظيم للباري سبحانه وتعالى (وإثبات الرسل يستلزم الاختيار فيجب أحدهما جمعا بين الأدلة العقلية والسمعية) صرح بمعنى ذلك الرازي وغيره من الأشاعرة.
पृष्ठ 14
(قلنا: الحاجة إلى الجمع) بينهما (فرع ظهور التنافي بينهما) وهو المطلوب ولكن (لاتنافي بعد تسليم الاختيار) كما يستلزمه إثبات الرسل (وكونه ضروريا) أي الاختيار (بالفرق بين حركة الصاعد والساقط وكون الجبر إستدلاليا) بإثبات الألاهيات (والاستدلال لا يقابل الضرورة البديهية وضرورة إختيار الصاعد بديهية) وربما يقال ضرورة الجبر متعلقة بنحو حركة الساقط واستدلالية بنحو حركة الصاعد فليس الضروري منهما باستدلالي ولا العكس فلا استدلال هنا في مقابل الضرورة فيجاب بأن الاختيار في حركة الصاعد ضروري فلا يصح الاستدلال بها على الجبر كما لا يصح الاستدلال في حركة الساقط على الاختيار لكن لا يخفى أن عدم مقابلة الاستدلال للضرورة إنما هو في الضرورة البديهية، أما في الاستدلالية فيقابله والخصم يمنع بداهة الاختيار في حركة الصاعد.
قلت: بل اختيار الصاعد وكل عمل مقرون باللذة عقلية أو بدنية ينافي الجبر الذي بمعنى الإكراه ضرورة بديهية كما في الأصل.
(قالوا): قال تعالى : {لمن شاء منكم أن يستقيم} ({وما تشاؤن إلا أن يشاء الله} فالاستقامه بالمشيتين وهو معنى تركب العلة) في التأثير.
(قلنا): ذلك مبني على أن متعلق المشيتين هو الاستقامة ونحوها وهو ممنوع بل (المعنى وما يحدث لكم مشية إلا أن يشاء الله أن تشاؤوا) أي أن تكون لكم مشيئة واختيار (فمتعلق المشيتين هو مشية العباد واختيارهم لا إكراههم) وهذا صرح به أكابر قدماء أئمتنا عليهم السلام، حيث قالوا أن الله يشاء أن يكون العباد مختارين لتقوم عليهم الحجة، ولم يشاء مختارهم إذا كان معصية، وأما الطاعة فيشاءها منهم مع أن الإرادة لا تتعلق بفعل الغير كما سيأتي.
(قال سبحانه: {لا إكراه في الدين}) {قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر الطاغوت ويؤمن بالله} فنسب الكفر والإيمان إلى العباد، وأما مشية العباد فإنها فعل الله وخلقه كالقدرة والله أعلم.
पृष्ठ 15
(قالوا: فيريده أي الفعل وإلا كان مغلوبا) حيث وقع في ملكه ما لا يريده، قال في (الإيثار): هي(1) الأمر الذي يقع به فعل الفاعل المختار على وجوه مختلفه في الحسن والقبح وعلى مقادير مختلفة في الكثرة والقلة وسائر الهيئات والأشكال من السرعة والبطاء وموافقة الغرض ومنافرته وفي أوقات مختلفه في التقديم والتأخير وهذا هو القدر المجمع عليه في معناها وبقية المباحث فيها في علم اللطيف وكلها مما لا تكليف في الخوض فيه ولا حاجة إليه بل هو يؤدي إلى مجارات أو محالات انتهى بحروفه.
पृष्ठ 16
قلت: ومعنى هذا الكلام راجع إلى صفة العلم بعينها. (قلنا: إرادته التخلية في هذه الدار) أي دار الدنيا بخلاف الآخره فأحكامها غير أحكام الدنيا، قال سبحانه: {مالك يوم الدين}، وقال: {والأمر يومئذ لله} (بين العبد وإرادته) مع أفعاله ليخرج الخطا والإكراه (تنفي) أي التخلية (المغالبة) لله سبحانه، لأنها تخيير للعبد فتنافي أيضا إرادة الله لأحد المخيرين بخصوصه، وإن أراد سببه من لطف أو فتنة كما تقدم في تأويل الآيات الموهمة تعلق مشية الله بطاعة العبد مثل {وما تشاوؤن إلا أن يشاء الله} {وما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله} فهي مثل {وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله}والسمع وإن ورد بما شاء الله كان فلم يرد بما كان فقد شاءه الله والموجبة الكلية إنما تنعكس جزئية، وأما ما يروى من زيادة ومالم يشاء لم يكن فمع أنه لا صحة له عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينافي تأويل الآيات المذكورة، لأنه يكون في قوة ومالا يشاء من أفعاله إذ الأولى في قوة ما شاء الله من أفعاله كان فكذا الثانية لأن الإرادة لا تتعلق بفعل الغير كما سيأتي (وبأن الارادة) هذا مزيد تحقيق لتعريف الآرادة، وقد تقدم طرف من ذلك (لا تتعلق بفعل الغير كسبا كان) المراد (أو غيره) من علم أو نفس المراد على الخلاف (لما قلنا في تعلق الاعتبار بفعل الغير فيما تقدم) في الرد على الكسبية (لأن الاعتبار إرادة) وقد تقدم كلام صاحب الإيثار (ولأنها) أي الإرادة (مؤثرة في جعل الفعل على وجوه واعتبارات) من حسن وقبح وشكل وبطو وسرعة) ويستحيل تخصيص إرادة الغير لفعل غيره) أي غير المريد (بوجوهه واعتباراته) وإن تعلقت بسببه من لطف أوفتنة فإن ارادة السبب لا تستلزم إرادة المسبب كما سيأتي، ولنا على المخالف أنا أجمعنا نحن وهم أن الله لا يوصف بما فيه نقص ولا بالمرجوح بل بالأرجح، وأنه يجب على كل مؤمن الرضى بقضاء الله وإرادته وتقديره فلو كان المعاصي بقضاه وارادته لوجب علينا الرضا بها ومن جملة ذلك الظلم وهو قبيح عقلا وكذا عدم رد الوديعة إلى غير ذلك من القبايح وهو يقول: {ولله الأسماء الحسنى}، ويقول: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حآد الله ورسوله} وغير ذلك من الآيات والأخبار ولسنا نمنع زيادة اللطف والهداية والإعانة من الله للمؤمن المطيع المستجب للدعاء من الله في قوله: {والله يدعو إلى دار السلام يريد الله أن يتوب عليكم}، وقوله: {يحب التوابين ويحب المتطهرين}.
قال سبحانه: {والذين اهتدوا زاداهم هدى} وغير ذلك ولا يبعد أن هذه الإرادة هي المقابلهة للمحبة.
ومع أن الصفات الذاتية لا يمكن الوقوف على حقيقتها فما بالنا لا نقتصر عن مدارك الغيوب ولو كان ذلك من غيرنا لجعلنا ذلك الفعل من أشنع العيوب بل قد خفي علينا الاجتماع والافتراق والحركة والسكون من جهتنا هل هي ذات أو صفة أو أحوال وهل حقيقية أو أضافية نسأل الله التوفيق.
पृष्ठ 18
(قالوا: يريده عقوبة على الإصرار كما صرحت به الآية، قال سبحانه: {وما يضل به إلا الفاسقين} {والله أركسهم بما كسبوا}، ونحو ذلك ورد بأن ذلك) رافع محل النزاع، لأن ذلك (راجحا) أي الفعل حينئذ (لرجحان حكمته) وهي العقوبة والسلب بعد العطاء والحرمان بعد الرضى، قال سبحانه: {فلما آسفونا انتقمنا منهم}، وقال: {فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} وإنما النزاع في إرادة المرجوح وكلامنا في الراجح ونفي إرادة المرجوح (إذ الفعل الواحد قد يكون ملزوما للازمين ظاهر مرجوح وخفي راجح فيفعل ويراد للراجح منهما كقتل الترس) واليمين الفاجرة من منكر الحق والكي لذات الجنب، (وإن استلزم فعله للراجح وقوع المرجوح فغير مراد) لله تعالى (كإرسال الرسل للهداية) هذا الراجح (وإن ضل به من يضل) من المشركين وهو المرجوح (فالله أراد) الراجح وهو (الهداية) بل ما من فعل إلا ومصلحته مقترنة بمفسده، وإنما يحسن ويقبح للراجح منهما في أفعال الله سبحانه كما تقدم، وفي بعض أفعال العقلاء (قالوا، قال صلى الله عليه وآله وسلم لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم كي يذنبوا فيغفر لهم عند مسلم وغيره من حديث أبي هريره وأبي أيوب)، وله شواهد عن جماعة من الصحابة فأراد منهم الذنب لأجل يغفر لهم (قلنا: قال تعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} فبين سبحانه إرادة الخلق) وقال تعالى: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم}، إلى آخر الآيات(1) (مع ما تقدم) والظاهر أن الأخبار المخالفه لصرايح القرآن لا تقبل ولا سيما في هذا الشأن ولو أخرجه من كان وكيف كان قالوا (القضاء والقدر والعلم لنا ) في تعريفها (القضاء والقدر: الإحاطة بالصور المعنوية فهو) وإن أحاط بالمعنويه فلا يستلزم وجودها في عالم الحس بل في عالم الأمر فلا يتوهم أنهما موجبان للجبر وذلك لأن القضاء والقدر (يتعلقان أيضا ب) الصور (المعنوية كما يتعلق بالصور الحسية وقد صرح به قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} وصح عنه (ص) أن الدعاء يرد القضاء) وغير ذلك كتابا وسنة (على أن لا تلازم بين الوجودين) المعنوي والحسي (كليا ) فكلما وجد أحدهما وجد الآخر (وإن كان الحسي ) أي الصور الحسية (يستلزم) وجوده (المعنوي فلا عكس) وهو أن المعنوي يستلزم الحسي فلا يوجد فيه إلا ما وجد في الحسي (وذلك ظاهر بالمقايسة على أفعال القوى النفسانية فليس كلما وجد في النفس وجد في الخارج لا العكس) فكلما وجد في الخارج عمدا فقد وجد في النفس وهذا ظاهر (أوكان التعلق بالصور (مطلقا) معنوية كانت أو حسية (فعلم) فإذن العلم أعم من القضاء والقدر وهذا تعريف ورد على أنه لو كان للعلم تأثير في الخارج لأوجب أثرا في أفعالنا الماضية مع العلم بها وكلما تجدد العلم تجدد الأثر مع أن تحصيل الحاصل محال.
पृष्ठ 20
(مسألة: ويدرك العقل بغير شرع حسن بعض الأفعال وقبحه) عند الله (بمعنى كونه موجب مدح فاعله أو ذمه عند الله لا استلزامه الثواب والعقاب) فلا يدركه العقل (إذ لو استلزم الحسن الجزاء لانتقض بأفعال الله) فإنها حسنه بالاتفاق ولا يدرك العقل استحقاق الله عليها ثوابا لغناه، وأما استحقاقه الشكر فهو المدح نفسه المتفق على إدراكه وليس بثواب (وبالأفعال الشرعية) فإنها حسنة بالاتفاق ولا يدرك العقل استحقاق فاعلها جزاء عليها، لأنها شكر (إذ الشاكر لا يستحق عقلا(1) جزاء على الشكر إذ الشكر نفسه جزاء ولا جزاء للجزاء )وإلا تسلسل وما أدى إليه فهو باطل (وقيل) أصحابنا (يدركهما ) أي المدح المستلزم للثواب والذم المستلزم للعقاب وهذا صحيح، لأن الذم مقتضي الإهانة وذلك نفس العقاب والمدح مقتضي التعظيم (ولا ينتقض بما سبق في حق الله ) لأن الثواب على التكاليف الشآقه، والله غير مكلف ولا يشق عليه شيء ( وعدم إدراك الجزاء بغير المدح) المستلزم للتعظيم أعني مقتضى التعظيم (وأما الأفعال الشرعية فليست جزاء)، لأن الجزاء ما كان على الأعمال الشآقه، وليست بشكر محض أيضا، وإن كان التفصيل من جهة الشرع والعقل لا يدرك إلا وجوب الشكر المطلق فكان الجزاء على امتثال المعين فظاهر، وما ورد عليه بأن امتثال العبد لأمر السيد لا يستحق عليه جزاء، لأن منافعه مستحقه لسيده وإن استحق مدحا بالطاعة لا يرد، لأنه قد سلم استحقاقه المدح وهو مقتضي التعظيم وهو المطلوب ثم لا يخفى أن هذه التمحلات غير مفيدة، ولا ساترة لادراك العقول استحقاق دوام الإحسان للمحسن يعرف ذلك...(2)خاليا من التعصب، ألا ترى وصايا الملوك والعقلاء الغير المتشرعين برفع منازل المحسن ودوامها وتجددها وعلى هذا مضت القرون ولولاه لما استقامت رعية لملك ولا خدم أحد فتأمل.
पृष्ठ 21
(مسألة: والجنة والنار جزاء على الأعمال) لتقابلهما أعني الدارين، فكما أنه يدخل النار العاصي بعصيانه يدخل الجنة المطيع بطاعته ولما سيأتي (وقيل: هما لازمان طبيعيان فالأولى) أي الجنه (لازم طبيعي لعمل البر، والنار)لازم طبيعي (لعمل الإثم) كما يستلزم الغذاء اللذة والسم الألم فليسا بجزاء (لأن الجزاء ما قابل نفعا أو ضرا للجازي وهما مستحيلان) أي الضر والنفع ( في حق الله، قلنا) ردا عليهم (مخالفة أمره استخفاف به شبيه بالضر وطاعته تعظيم له شبيه بالنفع قالوا هما) أي الاستخفاف والتعظيم (مبنيان على أن أمره ونهيه طلب والطالب محتاج، قلنا: بل هما ) أي الأمر والنهي ( إرشاد للعباد فهما في المعنى خبر عما يستلزمه العمل من خير أو شر وإن كانا في صورة الطلب) ولهذا قيل في حد الأمر والنهي أنهما خبرا(1) عن الثواب وذلك (لئلا ينافي) الغنى وا(التخيير) الذي صرح به أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: إنما أمر تخييرا ونهى تحذيرا، وكقوله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ولتنتفي المغالبة لو حملناه على الحقيقة (ولقوله تعالى: {جزاء بما كانوا يعملون} من الطاعات التي هي أخص معنى من مطلق الشكر كالطاعة المصحوبة بالتذلل والخضوع ولقضاء العقل أن المطيع يستحق الثواب والعاصي العقاب اللذان هما ثمرة المعرفة، والإخلال.
पृष्ठ 22
سواء قيل: إن التكاليف شكر أو جارية مجراه أو أنها لطف أو جارية مجرى اللطف، قال المبين (2) للأمة عليه السلام: ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله عز وجل جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزاهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا مما هو من المزيد أهله. انتهى وقال تعالى: {ليجزيهم أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله} فقد صرح بجزاء الأعمال وما بقي فمن مزيد فضله كما قال تعالى: {الذي أحلنا دار المقامة من فضله}، وفي أخرى: {في رحمة منه وفضل}، ولذا قال: (ولا يمنع كون العمل) أي البر (سببا للرحمة) لا ثمنا لها. قال في النهج: حمدا يكون لحقه قضاء ولشكره أداء، وإلى ثوابه مقربا، ولحسن مزيده موجبا. وقوله: [أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقكم] وكم آية مصرحة للجزاء في الجهتين بهذا المقال تنحل إشكالات عديدة أعظمها ما ورد على كلام الهادي عليه السلام حيث صرح بوجوب الثواب على الله سبحانه مع قوله إن التكاليف شكر فمن أين أن الشاكر يستحق الجزاء على الشكر، والشكر في نفسه جزاء ولا يخفى أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام وكثيرا من الآل يطلقون لفظة الوجوب على الله بمعنى تنزيه الوعد منه تعالى عن الخلف، وهو الظاهر من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، وقد روى معاذ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، يا معاذ، هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ألا يعذبهم، رواه الشيخان في صحيحيهما، وقد ورد في الحديث: [أني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حراما] رواه مسلم في صحيحه.
पृष्ठ 23
قال المنصور بالله عليه السلام في الشافي ما معناه: أن معنى الإيجاب على الله، الإخبار بواجب حكمته تعالى بمعنى أن الحكمة تقتضي ذلك لا الإيجاب الذي هو الإلزام، لأنه متفرع على علو منزلة الموجب على الموجب عليه. انتهى وقد ذكر بعض الآل أن الأولى تجنب لفظ الوجوب على الله لإيهام التكليف ومراعاة لحق الأدب في حق ملك الملوك مع الاتفاق على عدم تخلف الوعد وأن الله يحب الأرجح ويرضاه له فعلا ولعبده ولا يحب المرجوح ولا يرضاه، وقد علم أن مقتضى الحكمة تقتضي الوجوب والذي يظهر أن كلا من القولين حسن، لا من الجهتين إذ في الثاني: إيهام جواز الخلف في الوعد والوعيد، وأن الحكمة تقضي جوازا بالمرجوح الممنوع إتفاقا ولعل الهادي عليه السلام ومن وافقه قابلوا بهذا الإطلاق ما لهج به الخصوم من ألفاظ الأرجاء المذموم، والله أعلم. فأما وجوب اللطف بمعنى التمكين فهو الذي تقتضيه الحكمة وإلا لزم تكليف مالا يطاق، قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون}، وقال : {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}، وقال: {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين}(1)، فلا يقال إن الاخلال بالتمكين حسن مع بقاء التكليف، وأما بمعنى العصمه والتوفيق فتفضل من الله سبحانه. قال في الجامع الكافي عن محمد بن منصور رحمه الله ولله أن يمن على من يشاء من عباده، ويتفضل عليه بتوفيقه ويهديه، قال تعالى: {يختص برحمته من يشاء}، وقال: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين}، وقوله: {ما زكى منكم من أحد أبدا} هذا وكم لبعض النظار من الأبحاث الدقيقة التي مأخذها أقرب إلى الخفاء في الحظ(2) من عبارة الهادي عليه السلام ولو أمعنوا النظر في معنى كلامه عليه السلام لأراحوا أنظارهم من الاعتراض على ذلك الإمام، ألا ترى كلامه في البالغ المدرك، قال فيه عليه السلام: فلما تصرمت أعمال المطيعين ولم يثابوا وانقطعت آجال العاصين ولم يعاقبوا وجب على قود التوحيد وأطراد الحكمة أن دارا غير هذه الدار يثاب فيها المطيعون ويعاقب فيها المسيئون. انتهى بحروفه.
पृष्ठ 24
وأما التوبة فهي من الله فضل وعفو وتقتضيها حكمة الحكيم، لأرجحية العفو منه سبحانه وتعالى، قال سبحانه: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم...إلى أن قال: أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}، وقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات}.
पृष्ठ 25
(مسألة: واختلف في الموصل إلى النار) من الذنوب (فقيل الشرك لا غير) هذا قول مقاتل ابن سليمان ومن تبعه وهو الإرجاء المذموم (وقيل) الجمهور (بل وغيره من الكباير مع الإتفاق على جواز العفو عقلا) إلا ما يحكى عن البلخي وأصحابه، فإنهم منعوا من جوازه، ورد عليهم البصرية ولكن كلامهم قوي من وجهين أحدهما: إذا أدى العفو على الإغراء فهو قبيح وما أدى إلى القبيح فهو قبيح، والثاني: لا بالنظر إلى المعصية بل بالنظر إلى النعم وكبرها على العبد، قال سبحانه: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، (وقيل شرعا) كما صرح به قول إبراهيم عليه السلام، (ومن عصاني فإنك غفور رحيم)، وقول عيسى عليه السلام: {وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، (فاختلفوا فيه سمعا، فقيل: ثابت بشرط التوبة) وهذا قول الوعيديه من شيوخنا والمعتزله (وقيل مطلقا للموحد بشفاعة أو توبة أو غيرهما ) وهذا قول أهل السنه ومن تبعهم من الأشاعرة وغيرهم (وزاد ابن تيمية) من الحنابلة (غير الموحد بقطع دوام العذاب لا وقوعه) احتج (للأول) وهم المرجيه (بشر من قال لا إله إلا الله بالجنة ورد بأنها مطلقة) أي هذه الأخبار (مقيدة بقوله فإنه من كان آخر كلامه الخبر، وفي رواية مخلصا) والصحيح أنها غير بالغة أخبارهم بهذا المعنى حد التواتر وعندنا أنه لا يؤخذ في المسايل العلميه بالظن (مع الأخبار الواردة في ذم هذا الرأي) يعنى رأي المرجية وهي كثيرة شهيرة ولو لم يكن من الرد على مذهبهم إلا قوله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}، (للثاني) وهم الوعيدية (عمومات الوعيد ورد أن تخصيصها بالتايب أبطل قطعية عمومها فجاز تخصيصها مطلقا) أي سوى كان المخصص قطعيا أو ظنيا ووجهه أن إطلاق اللفظ العام بعد إخراج التايب لغير ما وضع له فصار حينئذ مجازا ودلالة المجاز ظنية فجاز تخصيصه بالقطعي والظني إتفاقا، (ورد أن الظاهر بقاء قطعية المخصص بقطعي كما كان) قبل التخصيص إذ لا وجه لصرف دلالته إلى الظن، وإنما صرف في العملي لكثرة التخصيص وفي هذا الرد ركة لا تخفى (لهم ردا) واستدلالا عمومات الوعد (بالشفاعة والرحمة) لا سيما والرحمة سابقة للغضب كما ورد في بعض الأخبار (وأنها) أي الشفاعة والرحمة (عفو وفضل لا خلف وكذب) كتخلف الوعد (قلنا: لو كان) أي لو صح العفو عن صاحب الكبيرة بما ذكرتم (أدى إلى التساوي) بين المؤمن والعاصي (المنفي بالقرآن) قال سبحانه: ({أفمن كان مومنا كمن كان فاسقا لا يستوون}، وقوله سبحانه: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون}، والعقل يحيل الإستواء من) قود حكمة (العدل الحكيم) قطعا ولا يخفى أن لهم أن يقولوا لا نحكم لهم بالمساواة الكلية ولا مانع من الاتفاق في البعض ولا يسمى مساواة، ولا سيما إذا كان الإيمان مجرد التصديق فلا حجة علينا من دلالة الآيه.
قلنا: نفي دخل على فعل متضمن المصدر فيفيد العموم كالنكرة في سياق النفي والتجويز في كونه يحتمل الكل أو البعض لحسن السؤال لا يدفع الظهور وغير مسلم أن السؤال حسن لإفادة اللفظ الشمول على أن الأفعال كلها نكرات وإن لم تؤول (للثالث): وهم أهل السنه (عمومات الوعد واجيب بأنها مطلقات تحمل على المقيد بالتوبة قالوا بل من الحكم على الخاص بحكم العام ولا يخصص به العام كما علم في الأصول ولو سلم فتخصيصه بمفهوم الصفة) أي صفة التايب (وعدم العمل به في العلميات متفق عليه).
पृष्ठ 26
قلت: وهذا الاحتجاج من معرق في الجدل بصير بالإيراد والإصدار لا ينتقض إلا بعدم الموافقة في العمل بمفهوم الصفة ( ولا يصح التقييد بالتوبة في إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء لإطلاق السلب) وهو لا يغفر (والإيجاب) وهو ويغفر (فإن قيدا) أي السلب والإيجاب (بها) أي بالتوبة (بطل السلب إتفاقا) للإجماع على أن توبة المشرك توجب المغفرة له (وبطل تقييد الإيجاب بالمشية) للإجماع على تساوي التايبين (وإن قيد الإيجاب بها فقط) أي والسلب بعدمها (كان تحكما مع فساد تقييده) أي الإيجاب (بالمشية أيضا وإن قيدا ) أي السلب والإيجاب (بعدمها) أي بعدم التوبة (كان ذلك هو المطلوب) وهو عموم العفو للموحد بشفاعة أو توبة أو تعذيبه بالنار لتطهره ثم يصير إلى الجنة أو الإستيفاء في الدنيا أو في البرزخ (وبه يصح تقييد الإيجاب بالمشيه تبقية لحكمة الخوف) فيجب حمل القرآن على ما به يصح دون ما به يفسد (ورد بعموم المغفور) والمغفرة هي الستر والحلم فيحتمل على هذا بستر أصحاب الكباير في الدنيا أعني عدم تعجيل العذاب فيها أو في الآخرة والمحتمل ظني فلا يعارض القطعي ثم إنكم قد قطعتم بالمغفرة فأين البقاء لحكمة الخوف؟ (وتخصيصه بالمشية المجمل لمن هي له) وما خص بمجمل تطرق إليه الإجمال أيضا (والآية أيضا تقضي بالغفران لمن يشاء تفضلا وعفوا فمن أين أنه قد شاء غفران الكباير تفضلا وهو محل النزاع وعدم تعجيل العقوبة والتوبة المنصوص عليها من العفو والتفضل وحملها) أي المشية (على المنصوص) وهو التوبة (أولى لئلا يتناقض القرآن) إذ هو كالكلمة الواحدة (والمجمل) من القرآن (يحمل على المبين ) وهي أن تجتنبوا كباير ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وتقييد المطلقات بالتوبة (والقرأن يفسر بعضه بعضا) ومثل المجمل لا يؤخذ به في العلميات ( مع أن في استدلالهم بها نظر لا يخفى على اللبيب) وذلك ان يقال لو سلمنا دلالة الآية على غفران الكباير فإن الله لو قال إن الله لا يغفر أن يشرك به ولا أكل أموال اليتامى ولا الفرار من الزحف ولا قتل المؤمن بغير حق ويغفر ما دون ذلك لكنا نقطع بعدم غفران شيء من هذه الكباير وقد توعد سبحانه على هذه الكباير في غير هذه الآية فوجب أن لا يختلف الحكم المذكور لأن القرآن كله كالكلمة الواحدة في البعد عن التناقض والاختلاف فلا تعلق لأحد من فرق المرجية بدلالة الآية أما من قال: لا وعيد على مرتكبي الكباير من الموحدين فيرد عليه أنه لا غفران لمن لا ذنب عليه لسقوط ذلك بشهادة التوحيد فلا معنى لهذا الغفران المسوق للتمدح به وأما من يقول يستحق مرتكب الكباير عذابا منقطعا فيقال له قد قطعت بالعذاب وقطعت أن الآية تقضي بالغفران فأين الغفران فإن قال بعده، قلنا: الآية مطلقة، فإن قيدت بأخبار دخول النار لتطهرهم ثم يخرجون إلى الجنة فتقييدها بالقرأن وهي قوله تعالى: {إن تجتنبوا}، والتقييدات بالتوبة أولى لما قدمنا ولتقديم القطعي على الظني، والمسألة علمية لا يؤخذ فيها بالمظنون وأما من قال بالوقف وهم جمهور المرجية فيقال لهم إن ظاهر الآية عندكم يقتضي القطع بالمغفرة لمن عدى المشرك وأنتم تتوقفون وقوله لمن يشاء لا يقتضي الوقف لأن الذي علق بالمشية هو تعيين المغفور له لا المغفور فمطلق فإذا كان ظاهر الآية لا يقتضي مالا يقول به أحد من الأمة وجب صرفها إلى الكباير والصغاير مع التوبة وأيضا فإن الآية مجملة كما عرفت لم يبين الله فيها من يشاء له المغفرة وبيانه في قوله: {إن تجتنبوا كباير...الآية}، إلى غير ذلك مما تحتمله الآية ولئن سلمنا فبهذه الإحتمالات التي قد عرفناك تكون ظاهرة ولا تقاوم القاطع من آيات الوعيد وأقول إن الاية تحتمل وجها غير ما ذكر وقد أشرنا إليه فيما قدمنا وهو ما ذكره الإمام صارم الإسلام إبراهيم بن محمد المؤيدي اليحيوي قدس الله روحه في الجنة ما لفظه: وهو أنه تعالى توعد أهل الكتاب في الآية التي قبلها بتعجيل العقوبة أيضا إن لم يؤمنوا، فقال سبحانه: {يا آيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت} أي يمسخهم قردة وخنازير وكان أمر الله مفعولا ثم حذرهم بأنه سبحانه وتعالى لا يقع منه غفران للمشرك في حالة من الحالات بل يستحق من أشرك تعجيل العقوبة أيضا كما استحقها من تقدم ذكره فأتى بالنفي الداخل على المضارع الذي هو في معنى النكرة فلم يعجل عقوبة الشرك لكان(1) تأخيرها غفرانا كما قال تعالى حاكيا: {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى} فجعل المتاع الحسن إلى الموت من موجبات المغفرة، ثم قال سبحانه: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلا يعاجل بعض المشركين للكباير بالعقوبة بل يغفرها بتأخير العقوبة في الدنيا كما قال تعالى: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}، وبهذا يندفع الإشكال ولله الحمد. انتهى بحروفه.
(و) احتج (للرابع) وهو ابن تيمية (بأن النار تفنى لأنها من عالم الفساد) وهو ما لا صلاح فيه (ورد أنه إن كان خلقها راجحا) على مقتضى حكمة الله (فلا) فساد بها كيف وهي محل نقمة الله من العاصي ومحل غضب الحكيم وعقابه كما أن الجنة محل رحمته (والله يتعالى عن خلق ما لاحكمة فيه) فثبت أنها مصلحة، وقد تقدم أن العبرة برجحان الفعل على تركه (ومنكر الحكمة منكر ما ثبت بالضرورة) الدينيه، لأن قولهم إنها من عالم الفساد يؤدي بأن في أفعال الله ما ليس بمحكم وقد ذكر في الإيثار أن منكر الحكمة في أفعال الله منكر لضرورة من الدين (قالوا) أي ابن تيميه وأصحابه: (دوام العذاب ينافي التمدح بأسمي الرحمن الرحيم ونحوهما) العفو والغفور من صيغ المبالغة المقتضية للنهاية في الرحمة.
पृष्ठ 29