قلت: وهذا هو الجامع لأطراف كلام الآل من أن الله أراد أن يكونوا مختارين وعلى أفعالهم مجازين ممدوحين أو مذمومين ومن خرج منهم عن هذا الجامع فمن غير أهله أخذ.
باب الحكمه والعدل
(مسألة الحكمه مرجح الفعل أو الترك المناسب له) أي للمرجح (عقلا) وأن خفي علينا فأفعال الله سبحانه وتعالى محكمة كما دلت عليه الآيات القرآنية ومنكر ذلك منكر للضرورة كما أشار إليه في إيثار الحق (والعدل إيقاع ذلك) أي الفعل أو الترك (لأجل ذلك المرجح) فيخرج العبث إذ لا يكون لمرجح رأسا (والجور ضده) لعدم المرجح المناسب للعقل وإن ناسبه في الشهوة لمرجوحيتها (ومنه) أي من الجور (الظلم) كتعذيب من لا يستحق التعذيب وتكليف ما لايطاق والتساوي بين العاصي والمطيع في الدارين ومنه قول المعتزلة: أن الله خلق العاصي على بنية لا تقبل اللطف.
وقول الأشاعرة: إنه يضل العاصي قبل عصيانه لمجرد القضاء والقدر والله ينزه نفسه وأحكامه عن الظلم، قال سبحانه: {وما يضل به إلا الفاسقين} {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} والإضلال من جنس العقاب فهؤلاء خصماء القرآن بل خصماء الرحمن أيخلقهم على بنية لا تقبل الهدى ثم يلزمهم به؟ هذا تكليف ما لا يطاق! قال سبحانه: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، والمصيبة في الدين أعظم المصايب، وقال: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم...الآيه}.
قالوا: يجوز ذلك ابتلاء لا عقاب.
لنا: ما تقددم ولعدم الدليل على ذلك، لأن ما يؤدي إلى الظلم من غير مرجح مناسب للعقل والفطرة التي فطر الله الناس عليها ظلم وجور، قال تعالى: {إنا هديناه السبيلا إما شاكرا وإما كفورا}، وقال: {ثم السبيل يسره}، {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}.
مسألة: (وللعدل والجور يحسن الفعل والترك)، بمعنى كونهما سببا للمدح إن كانا عدلا، (ويقبحان) أي الفعل والترك بمعنى كونهما سببا للذم والعقاب في حقنا إن كانا جورا.
पृष्ठ 10