كان ذلك إيمانا حقيقيا خالصا كما كان فى الظاهر الإقرار، والمعرفة هى الإيمان الكامل إذا أكملته الأعمال المفروضة.
وقد جاء فى كتاب الدعائم عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال: المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة والإقرار من يمن الله به على من يشاء من عباده والمعرفة صنع الله فى القلب والإقرار فعال القلب بمن من الله وعصمه ورحمه فمن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه وعليه أن يقف ويكف عما لا يعلم ولا يعذبه الله على جهله ويثيبه على عمله بالطاعة ويعذبه على عمله بالمعصية ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء الله وقدره وبعلمه وبكتابه وبغير جبر لأنهم لو كانوا مجبورين لكانوا معذورين وغير محمودين ومن جهل فعليه أن يرد إلينا ما أشكل عليه قال تعالى:@QUR07 «فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» [1] فتأويل المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة وإن العلم الحقيقى الذي هو علم التأويل كذلك هو حجة على العباد ومنة من الله ونعمة عليهم.
وقوله الإقرار من يمن الله به على من يشاء فتأويل ذلك أيضا أن علم الظاهر الذي هو عن علم الأئمة صلى الله عليهم كذلك هو من يمن الله به من يهديه إلى علمه.
وقوله فمن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه يعنى فى تأويل ذلك أن من استجاب لدعوة أولياء الله وصدق بهم وأخذ عليه عهدهم الذي قدمنا القول بأن من عمل بما أمر به فيه وانتهى عما نهى عنه به فقد أقام ظاهر دينه وباطنه وإن لم يعلم شيئا من العلم غيره إذا لم يجد السبيل إلى التعليم أو قصر به الأجل عنه فهذا تأويل قوله ومن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه يعنى بذلك من لم يصل إلى علم التأويل ولا علم ظاهر دينه من قبل إمام زمانه لأن ذلك لا ينال دفعة وإنما يدرك بالطلب والوجود ومن استجاب لدعوة إمام زمانه وأخذ عليه عهده فقد صار بذلك مؤمنا وعليه أن يعمل بما فى العهد وما أشكل عليه توقف فيه وسأل عنه كما قال على صلى الله عليه وسلم، وعليه بعد ذلك أن يطلب العلم ظاهرا وباطنا بقدر استطاعته فما علم منه كان بالغا فى الفضل بقدره وما قصر عنه بعد اجتهاده فهو معذور فيه قال تعالى:@QUR09 «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات» [2] وقال:@QUR07 «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون» [3] وقال على صلى الله عليه وسلم قيمة كل امرئ ما كان يحسنه.
पृष्ठ 58