(ثم قال) الونشريسي اعلم أن علم الوثائق من أجل العلوم قدرا وأعلاها إقامة وخطر إذ بها تثبت الحقوق ويتميز بها الحر والرقيق ويتوثق بها ولذا سمي الكاتب الذي يعانيها وثاقا. وفي صحيح مسلم وغيره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كتب الصلح يوم الحديبية بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم (ابن) فرحون هي صناعة جليلة شريفة وبضاعة عالية منيفة تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء المسلمين وأموالهم والاطلاع على أسرارهم وأحوالهم ومجالسة الملوك والاطلاع على أمورهم وعيالهم وبغير هذه الصناعة لا ينال أحد ذلك ولا يسلك هذه المسالك (ابن عبد السلام) بعد كلام له وبالجملة أن الخطط الشرعية في زماننا أسماء شريفة على مسميات # خسيسة وذلك لأنهم ألحقوها بأخس الحروف ولم يتمسكوا من الطلب بأدنى طرف وفي مثلهم قيل
إن الكساد قد استولى على الكتبه ... لا عقد في بيع فدان ولا عتبه
أخسس بحرقة قوم رأس مالهم ... حبر تبدده في صفحة قصبة
(السادس) لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا بما يجوز في مذهبه كذا في الزرقاني عند قول المصنف وعوقبا والشهود (قلت) محله إذا لم يأذن له حاكم شرعي يرى في مذهبه جواز ذلك كبيع الكمشة المجهولة وإلا جاز له أن يشهد ويضمن إذنه في الرسم وبه العمل (السابع) اختلف في جواز أخذ الأجرة على كتب الوثيقة والأصح الجواز وتقدمت الإشارة إليه في كلام ابن العربي عند الكلام على حكم الكتابة وعلى الجواز فتكون بما وقع الاتفاق عليه من قليل أو كثير. وفي وقتنا هذا جعل لكل كتب من الرسوم أجر معلوم لا يتعداه الشاهد عند التشاح بأمر من الأمير قطعا للنزاع. وفي الأحكام للباجي وأجرة كاتب الوثيقة على الدافع أو على من هي المنفعة له ولو كانت لهما جميعا كانت عليهما وسيأتي الكلام على ما إذا كانت الجماعة في وثيقة واحدة وسهامهم مختلفة عند قول الناظم
وأجر من يقسم أو يعدل ... على الرؤس وعليه العمل
كذلك الكاتب للوثيقة ... للقاسمين مقتف طريقه
पृष्ठ 71