ومنها شهد بمعنى حلف كما جاء في اللعان. ومنها شهد بمعنى عام كما قال الله تعالى {ولا تكتم شهادة الله} أي علم الله. ومنها شهد بمعنى حضر للتحمل كقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم} وقيل معناه وصى. وفي الشرع قال ابن فرحون أخبار يتعلق بمعين وبقيد التعيين تفارق الرواية انتهى. وقال الإمام ابن عرفة الشهادة قول هو بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه أن عدل قائله مع تعدد أو حلف طالبه (فقول) الشيخ رحمه الله تعالى # قول جنس أعم من الكلام والكلمة والكلم والخبر أخص منه لأنه أخص من الكلام الذي هو أعم من الخبر. وقوله هو بحيث جملة إسمية صفة لقول وإنما عبر بذلك وأتى بالحيثية ليدخل فيه الشهادة قبل الأداء والشهادة غير التامة. وقوله يوجب على الحاكم يخرج به الرواية والخبر القسيم للشهادة ولم يقل القاضي لأن الحاكم أعم من القاضي لوجوده في المحكم والأمير وشبه ذلك. وقوله أن عدل قائله شرط في إيجاب الحكم والجملة حال أخرج به مجهول الحال. وقوله مع تعدده اخرج به إخبار القاضي بما ثبت عنده قاضيا آخر فإنه يوجب عليه الحكم بمقتضاه لكن لا يشترط فيه تعدد أو حلف فلو زاد أو ما يقوم مقامه أي مقام القول لشمل التعريف بالشهادة بالخط وشهادة الإيماء كالأخرس ونحوهما كذا في الرصاع (والأصل) في مشروعيتها الكتاب قال الله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}. وقال تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم}. وقال تعالى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون}. وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية} الآية. والسنة قال عليه الصلاة والسلام شاهداك أو يمينه وقال أنتم شهداء الله في أرضه فمن أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار وقال لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولا جار لنفسه إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث (وحكمة) مشروعيتها لطف الله سبحانه وتعالى بعباده لصيانة الحقوق من أنساب وأديان وأعراض وأموال وأبدان فهي من الضروريات الحاجية كالإمامة الكبرى وما يتفرع عنها من القضاء ونحوه والشهادة منصبها عظيم وخطرها جسيم خصوصا في هذا الزمان فإن كثيرا ممن يتعاطاها لا يتحاشى عن الأمر الذميم الذي يكون سببا في عذابه الأليم (وحكمها) له حالتان حالة تحمل وحالة آداء فأما التحمل وهو أن يدعى الشاهد ليشهد ويستحفظ الشهادة كالمنتصبين لها فإنها فرض كفاية يحمله بعض الناس عن # بعض إذا وجد وإلا تعين. وأما الأداء وهو أن يدعى ليشهد بما في علمه فإن ذلك واجب لقول الله تعالى {ولا تكتموا الشهادة}. وقوله تعالى {وأقيموا الشهادة لله}. ولا يأبى الشهداء إذا ما دعوا. ويتوقف أداؤها على الاستدعاء إذا كان المشهود به حقا لغير الله على خلاف فيه أما إذا كان حقا لله تعالى فإنه يجب عليه أن يبادر بأدائها عند الحاكم بدون استدعاء اتفاقا إذا كان مما يستدام تحريمه كحبس وطلاق ورضاع والعفو عن القصاص بقدر الإمكان فإن أمكنه الآداء ولم يبادر فسق وسقطت شهادته. ولكل واحد من شاهدي الآداء والتحمل شروط بحيث لا تقبل شهادته إلا بها (فشاهد) الأداء يشترط فيه أن يكون بالغا عاقلا حرا مسلما عدلا متيقضا بحيث لا تتمشى عليه الحيل وإليها أشار الناظم بقوله
(وشاهد صفته المرعية ... عدالة تيقض حرية)
पृष्ठ 66