يعني أن القاضي إذا أراد أن يحكم على من توجه عليه الحكم من الخصمين فإنه لا يحكم عليه إلا بعد الإعذار إليه بقوله أبقيت لك حجة ونحوه بمحضر شاهدي عدل على القول المختار المعمول به فإن قال لا حجة عندي ولا ناصر لي حكم عليه حينئذ وإن ذكر أن له حجة أجله إليها كما تقدم في الآجال فإن انقضت الآجال والتلوم ولم يأت بما تأجل له حكم عليه وقطع عذره وناصره وعجزه في كل شيء إلا في مسائل يأتي ذكرها في فصل خطاب القضاة مع بيان صفة العمل وحينئذ لا يلتفت إلى قوله بعد التعجيز عندي حجة قال بعض العلماء إلا إذا رأى القاضي عليه مخايل الصدق وأنه ليس من أهل الباطل فلا بأس بالتروي بقدر ما يظهر له (قلت) وعليه مراعاة الجانبين وجانب المولى جل وعلا أشد عند المتقين وقوله وذا المختار الإشارة راجعة إلى كون الإعذار قبل الحكم بشاهدي عدل ومقابل القول المختار هو الإعذار بعد الحكم والاكتفاء بالعدل الواحد وليس عليه عمل. وفي اختصار المتيطية فإن # أعذر إليه بواحد أجزأه. ودليل المجيز أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله إذ قال اغد يانيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فاعترفت أي بالزنى الذي رماها به زوجها فرجمها. وحيث كان الإعذار قبل الحكم واجبا شرطا فإذا حكم الحاكم على من توجه عليه الحكم بدون إعذار لغفلة أو جهل ثم وجد المحكوم عليه حجة فله القيام بها لعدم الإعذار الذي هو شرط في صحة الحكم وقاعدة الشرط أنه يلزم من عدمه العدم وكذلك تقبل حجته أن اعذر إليه في شيء ناقص أو اعذر إليه ولم يعجزه. ولما كان الخصم يمكن من الإعذار في كل من شهد عليه إذا طلبه إلا في خمسة مسائل أشار إليها الناظم بقوله
(وشاهد الإعذار غير معمل ... في شأنه الإعذار للتسلسل)
(ولا الذي وجهه القاضي إلى ... ما كان كالتحليف منه بدلا)
(ولا الذي بين يديه قد شهد ... ولا اللفيف في القسامة اعتمد)
(ولا الكثير فيهم العدول ... والخلف في جميعها منقول)
पृष्ठ 51