يعني أن الشيء المدعى فيه له شرطان لتصحيح الدعوى (احدهما) تحقيق المدعي دعواه والجزم بها فلا تسمع إذا قال اظن أن لي قبل فلان كذا من وجه كذا مثلا إلا إذا اتهمه وكان المدعى عليه من اهل التهم فانها تسمع (وثانيهما) بيان عينه ليكون معلموما معينا كهذا الثوب أو في ذمة معين كدعواه على زيد بدين أو بما يؤول بمعين كدعوى المرأة الطلاق لتحرز نفسها أو بما يؤول لما في ذمة معين كدعوى المرأة بعد الطلاق أنه كان اصابها قبله لتأخذ الصداق كاملا ثم أن كانت الدعوى في ربع أو عقار فلابد من بيان جهته وحدوده فإن كان منابا شائعا بين قدره وان كان في منقول غير مثلي ذكرت جنسه ونوعه وصفته وقيمته فإن كان حليا فقيمة الذهب الفضه وقيمة الفضة الذهب. وان كان مثليا ذكرت نوعه وصفته وكيله أن كان مما يكال ووزنه أن كان مما يوزن أو عدده أن كان مما يعد كالدراهم وان دينا في الذمة فلابد من بيان السبب الذي ترتب من اجله الحق بان يقول من بيع مثلا فإن لم يبينه سأله الحاكم عنه وجوبا فإن غفل فللمدعى عليه السؤال عنه إذ قد لا يترتب عليه غرم كالقمار وقد يترتب عليه غرم قليل كالربا فإن بينه المدعي عمل به وان قال لا ابينه أو لا علم لي به لم تسمع دعواه فلا الب المدعى عليه بجواب ولو قال نسيته ثم تذكرته وانه من وجه كذا قبل نسيانه بلا يمين. ويزاد على الشرطين المذكورين شروط ثلاثة (اولها) أن لا يكون المدعى عليه صبيا أو سفيها سألأ القاضي عن دعواه فإن كانت لو ثبتت لم يجب عليهما فيها شيء كالمعوضة الاختارية في بيع أو شراء أو سلف أو نحو ذلك فدعواه ساقطه وينهى عن التعرض لهما وإن كانت لو ثبتت لزمت الصبي اوي السفيه كلف المدعي عليه البينه وذلك في مثل التعدى والاستهلاك والغصب والاختلاس والانتهاب والجراح والقتل في العمد والخطأ وشبه ذلك فإذا أثبت القاضي على الصبي # أو السفيه حقا من جهة الاستهلاك أو التعدي اعذر اليه رجاء أن يدفع عن نفسه بشيء يدلي به وعجزه ليس بعجز ولابد من يمين الطالب مع البينة (لأن الصبي في حكم الغائب والموت والمساكين) انتهى (وثانيهما) أن لا يكذبها العرف والعادة كمن حيز عليه عقاره غير الحبس مدة الحيازه بشروطها ثم قام يطلب ذلك من حائزه غير أن المدعى عليه في هذه السورة يطالب بالجواب لعله يقر فاذا انكر وقال ملكي وحوزي فإن المدعي لا يطالب بالبينه ويترك سبيل المدعى عليه وهل بيمين أو بلى يمين وهو ظاهر الحديث المدونة ورجحه أن يونس والمازري وغيرهما وهو المشهور وبه العمل قولان ومنشأ الخلاف هل الحوز المسقط لدعوى القائم منزل منزلة شاهدين أو شاهد واحد فعلى أنه منزل منزلة شاهدين لقوته فلا يمين وعلى أنه منزل منزلة شاهد واحد فاليمين ومن جهة اخرى وهي أن اليمين فرع طلب المدعي بالبينه عند نكول المدعى عليه وحيث كان المدعي لا يطالب بينة ملكه لما ادعاه فإن المدعى عليه يترك سبيله بدون يمين إذا انكر دعوى المدعي وسيأتي تفصيل الحيازة في بابها أن شاء الله تعالى (وثالثهما) أن يكون المدعى فيه ذا غرض صحيح بان كان غير تافه فلا تسمع الدعوى فيما كان كالقمحة والحاصل أن الدعوى لا تصح إلا إذا من معتبرة شرعا بان تكون دعوى تحقيق أو ظن على من يتهم. وان يكون المدعى فيه معلوما. وفي سماع الدعوى بمجهول بان قال المدعي أن لي قبل فلان شيئا أو منابا من عقار أو بقية حساب مثلا فيكلف المدعى عليه بالجواب عنهما وعدم سماعها فلا يكلف بالجواب خلاف. وحاصل فقه المسألة كمان في التبصيرة الفرحونية وغيرها أن المدعى بشيء مثل ثلاثة احول (الاولى) أن يعلم قدر الذي يدعي به ويقول لي قبل فلان شيء ويمتنع من بيان قدره وفي هذه لا تقبل دعواه اتفاقا (والثانية) أن يدعي جهل المدعى به وتدل على ذلك قرينة كشهادة بينة بان له حقا لا يعلمون قدره وفي هذه تقبل دعواه اتفاقا (والثالثة) أن يدعي جهل قدره من غير شهادة قرينة في ذلك فهي محل الخلاف والذي اختاره المازري سماع الدعوى # وصوبه البساطي عند قول (خ) قال وكذا شيء قال الرهوني بما قاله المازري وصوبه البساطي جرى العمل (وكيفية) العمل في ذلك أن المدعى فيه إذا كان عقارا وقف جميعه على المدعى عليه حتى يبين فإن بين شيئا حلف على ما بينه واخذ الباقي فإن نكل وقف عليه الباقي واخذ المدعى ما بينه له وهكذا إلى أن يحلف. وان كان في الذمة من بقية محاسبة مثلا سجن المدعى عليه فإن اقر بشيء حلف أنه الباقي وان نكل لزمه ما اقر به ويبقى في السجن وهكذا إلى أن يحلف كذلك. وان يكون مما لو اقر به الخصم للزمه. وان لا يكذبها العرف والعادة. وان يتعلق بها غرض صحيح (والى هاته الشروط) اشار الزقاق بقوله
فان صحت الدعوى بكون الذي ادعى ... معينا أو حقا عليه أو انجلا
يؤول لذا أو ذا وكان محققا ... ومعتبرا شرعا وعلما به صلا
واذا غرض أن صح مع نفي عادة ... مكذبة فامر مجيبا وابطلا
اذا اختل شرط الخ. ثم عطف الناظم وجه القضآء على ماتقدم فقال
(والمدعي مطالب بالبينه ... وحالة العموم فيه بينه)
(والمدعى عليه باليمين ... في عجز مدع عن التبيين)
पृष्ठ 28