तारीख तर्जमा
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
शैलियों
كما تعددت المدارس الزراعية في عصر محمد علي، كذلك تعددت المدارس الهندسية؛ وذلك أن محمد علي كان وهو في دور «تنظيم البيت» في حاجة إلى تجديد كل شيء واستثمار كل شيء، وكان في حاجة أيضا - وهو يجدد وينظم - إلى الأعوان العالمين أو المتعلمين، وخاصة إلى المهندسين الذين يمسحون له الأرض، ويحفرون الترع ويقيمون الجسور والقناطر، وينشئون المصانع، ويشرفون على إدارتها، ويدرسون طبقات الأرض، ويبحثون عن معادنها، ويتصلون بالجيش، ويبنون له ثكناته وطوابيه واستحكاماته، ويضعون له خططه ... إلخ ... إلخ؛ ولهذا كله نرى أن محمد علي كان يرحب بكل عالم بالهندسة ويسرع فيلحق به عددا من الطلاب يتلقون عنه، فإذا انتهت الحاجة إلى هذه المدرسة التي خلقتها الحاجة والظروف، ألغيت، ثم لا يلبث أن ينشئ غيرها، وهكذا، حتى بلغ عدد المدارس الهندسية التي أنشئت في عصر محمد علي خمس مدارس.
كانت أولاها «مكتب المهندسخانة» بالقلعة، وقد أنشأه محمد علي في سنة 1231 / 1815 استجابة لما لاحظه في أبناء مصر من «نجابة وقابلية للمعارف»؛ فقد روى الجبرتي أنه «اتفق أن شخصا من أبناء البلد يسمى حسين جلبي عجوة ابتكر بفكره صورة دائرة وهي التي يدقون بها الأرز، وعمل لها مثالا من الصفيح، تدور بأسهل طريقة، بحيث إن الآلة المعتادة إذا كانت تدور بأربعة أثوار، فيدير هذه ثوران، وقدم ذلك المثال إلى الباشا، فأعجبه وأنعم عليه بدراهم، وأمره بالمسير إلى دمياط، ويبني بها دائرة، ويهندسها برأيه ومعرفته، وأعطاه مرسوما بما يحتاجه من الأخشاب والحديد والمصروف، ففعل وصح قوله، ثم فعل أخرى برشيد، وراج أمره بسبب ذلك.»
17
ويعقب الجبرتي على هذا الحادث بقوله: «ثم إن الباشا لما رأى هذه النكتة من حسين جلبي هذا، قال إن في أولاد مصر نجابة وقابلية للمعارف، فأمر ببناء مكتب بحوش السراية، ويرتب فيه جملة من أولاد البلد ومماليك الباشا، وجعل معلمهم حسن أفندي المعروف بالدرويش الموصلي يقرر لهم قواعد الحساب والهندسة وعلم المقادير والقياسات والارتفاعات واستخراج المحصولات.»
17
وكان عدد تلاميذ هذه المدرسة 80 تلميذا، وقد رتب لهم محمد علي الكسى والمرتبات الشهرية، والحمير «مساعدة لطلوعهم ونزولهم إلى القلعة»، وسمي هذا المكتب «بالمهندس خانة»، وأحضر لهم مدرس ثان من الآستانة اسمه «روح الدين أفندي» لتعليم من لا يعرف العربية من التلاميذ، وقد تولى نظارة هذه المدرسة بعد وفاة حسن أفندي.
ويهمنا أن نذكر هنا أن التعليم في هذه المدرسة كان باللغتين العربية والتركية؛ فقد كان تلاميذها من أبناء البلد، ومن أبناء مماليك الباشا، وهؤلاء لا يعرفون العربية، وأنهم كانوا جميعا يتعلمون اللغة الإيطالية، وأن من نوابغ من تعلموا في هذه المدرسة المهندس الكبير ثاقب باشا الذي اشترك فيما بعد في إنشاء ترعة المحمودية وغيرها، ثم كان مفتشا لعموم ري الوجه البحري، ومنهم أيضا أحمد أفندي الأزهري الذي يقول عنه علي مبارك باشا إنه «كان من طلبة الأزهر، ثم دخل مدرسة المهندسخانة بالقلعة، وتعلم اللغة التليانية، وأخذ رتبة قائمقام، واستمر في خدمة الميري إلى سنة 1265.»
18
وبعد نحو أربع سنوات، أي في أواخر سنة 1235 / 1819 «صدر أمر محمد علي إلى كتخدا بك بتعيين الخواجة قسطي مدرسا بمدرسة تسمى «المهندسخانة» وبأن ينتخب له خمسة أو ستة من التلامذة المتفوقين في الرياضة والرسم من مدرسة القلعة ليقوم بتدريس تلك المواد لهم»،
19
अज्ञात पृष्ठ