** ولاة مكة لعثمان :
مضى عهد عثمان في صورته الحزينة وفتنته العظيمة دون أن يترك في مكة الأثر الذي تركه في أمصار الاسلام الهامة التي تقدم بنا ذكرها وأحسب أن من أهم أسباب الهدوء في مكة أن عمال عثمان عليها كانوا لا يملكون اضطهادها بقدر ما يملك غيرهم في الأمصار لاتصال العائلات الكبيرة فيها بأقر بائهم من كبار المهاجرين بالمدينة وسهولة نقل الأخبار والشكاوى بين المدينتين كلما دعت الحاجة إلى نقلها من طريق المترددين من الأقارب ويؤيد لنا هذا ان عثمان رضياللهعنه كان كثير العزل لولاته في مكة فقد تنقلت الامارة فيها لعهده بين علي بن عدي بن ربيعة وهو من بني عبد شمس وخالد بن العاص وهو مخزومي والحارث بن نوفل وهو من بني عبد المطلب وعبد الله بن خالد بن أسيد بن عبد شمس وعبد الله بن عامر الحضرمي ونافع بن عبد الحارث من خزاعة (1).
** حركة عائشة :
لما اشتد الحصار على عثمان قبل قتله استنجد بعلي وطلحة والزبير وعائشة وأمهات المؤمنين فكان أولهم أنجادا له علي وأم حبيبة بنت أبي سفيان وقد جاءت الأخيرة على بغلة لها برحالة مشتملة على أداوة فقيل : أم المؤمنين أم حبيبة فضربوا وجه بغلتها فتلقاها الناس وقد مالت راحلتها فتعلقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل فذهبوا بها الى بيتها.
وعلمت عائشة بالأمر فجهزت نفسها للرحيل الى مكة (2) وجاءها مروان مبعوثا من عثمان يقول : لو أقمت فلعل الله يدفع بك عن هذا الرجل فقالت أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة لا والله .. ومضت في عزيمتها حتى لحقت بمكة.
पृष्ठ 85