============================================================
ذكر هاروت وماروت خمرا فاشربا منها، فقالا: هذا أهون وفي رواية آنها سألتهما أن يعلماها الاسم الذي يصعدان به إلى السماء فلم يفعلا وقالا: لا سبيل إلى ذلك فلما شربا الخمر وسكرا وفعلا جميع ما سألتهما قال: ومر رجل ببابها ويقال كان ملك أتاهم في صورة سائل قال إنه كان رجلا قال فإن تلك المرأة قالت لهما إنه رآكما وهو يخبر الناس بشأتكما فقاما وقتلاه ومن قال: إنه كان ملكا فقصداه بالقتل فطار إلى السماء من بين أيديهما قال وعلماها الاسم الذي يصعدان به إلى السماء قال وهمت آن تصعد فصعدت ومسخت كوكبا في السماء قال: وقد قال بعض الناس إن كوكب الزهرة المعروفة هي تلك وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعن علي رضي الله عنهما وقال شيخنا الإمام قدس الله روحه إن الزهرة المعروفة هي من الكواكب المديرة التي علق بها نظام أمر العالم وهي قد خلقت مع الشمس والقمر وسائر النجوم لا بل تلك المرأة مسخت كوكبا وكان اسمها زهرة. فغلط من غلط فظن أتها هذه ثم إن الملكين لما أفاقا من سكرهما ندما وأيقنا بالهلكة وإن الله تعالى قال لملائكته انظروا إلى من اخترتم من بينكم فنظروا وقالوا يا ربنا كنت أعلم بعبادك قال فمن ذلك اليوم جعلت الملائكة تستغفر لبني آدم قال الله تعالى: وكستغفرون للزين * امنوا} [غافر: الآية 7] ثم اختلف الرواة فقال بعضهم: إنهما فعلا ذلك وإدريس عليه السلام في الأرض فأتياه وقالا له: اشفع لنا إلى الله فقال: أفعل، ولكن كيف أعلم أنه أجيب لي فقالا له: إن رفعت راسك من سجودك ودعائك ونحن عندك فقد استجيب لك وإن لم نكن عندك فقد هلكنا قال: فسجد إدريس ودعا لهما فبعث الله ملائكة حتى ذهبوا بهما إلى بابل (1) وقال آخرون بل إنهما لما أفاقا من سكرهما جاء جبريل من عند الله وهما يبكيان فبكى معهما وقال لهما: إن ربكما يخيركما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وقال قوم: إنما أوحى الله بهذا إلى إدريس حتى خيرهما بين العذابين، وقال بعض أهل الأخبار إنهما كانا في زمن سليمان وهو الذي دعا لهما والله أعلم، فلما خيرهما الله تعالى قالا الدنيا منقطعة زائلة والآخرة دائمة باقية فاختارا عذاب الدنيا فهما في غار جبل ببابل ويقول الناس إنه جبل دنباوند فأما الله تعالى فيقول ببابل وهما معلقان يعذبان طرفي النهار قال أهل الأخبار إن الله عز وجل ليشدد عليهما في كل يوم أو كل أيام شهوتهما فيكون ذلك عليهما أشد من سائر العذاب، وإنهما سألا جبرائيل أن يعلمهما شيئا يقولانه إذا اشتدت عليهما الشهوة فتهون عليهما فعلمهما كلمة يقولانها فتسكن شهوتهما أياما فذلك (1) بابل: بكسر الباء: اسم ناحية منها الكوفة، والحلة ينسب إليها السحر، والخمر. ياقوت الحموي، معجم البلدان 309/1.
पृष्ठ 41