============================================================
اب (1) في ذكر هاروت وماروت قال الله تعالى: وما أنزل على الملكنن ببايل هدروت ومثروت} [البقرة: الآية 102] قال أهل الأخبار: إن الله لما رفع إدريس من الأرض وأدخله الجنة قالت الملائكة: ما بال هذا الخاطىء ابن الخاطىء بين الملائكة الذين لم يذنبوا قط فأوحى الله تعالى إليهم أنكم قد عيرتم بني آدم وإنكم لو كنتم بمنزلتهم لفعلتم مثل فعلهم فتخيروا من شئتم فاختاروا ثلاثة نفر من أفاضلهم عزا وعزايا وعزائيل فقال الله لهم: إني أهبطكم إلى الأرض لتحكموا بين الناس بالحق وتخالطوهم في الأكل والشرب والشهوات، وقال: اني آمركم أن تعبدوني وتقيموا الحدود، ونهيتكم على آن لا تشركوا بي شيئا ونهيتكم عن القتل وشرب الخمر والزنا قالوا: نعم، فأهبطهم الله وخالطوا الناس وركب فيهم الشهوة وكانوا يقضون بالنهار ويرجعون إلى السماء بالليل، فإذا رجعوا إلى السماء كانوا في حكم الملائكة وإذا هبطوا إلى الأرض كانوا في حكم بني آدم وطبائعهم كطبائع بني آدم ويقال: لا بل عزائيل عرف آنها الفتنة استعفى ربه فعفا الله تعالى عنه وبقي صاحباه، فبينما هما كذلك إذ جاءتهما امرآة من أجمل الناس يقال لها بالعريية زهرة وبالسريانية ناهيد وبالفارسية بيدخت فجاءت مزينة ومشؤفة متطيبة فوقعت في آنفسهما فكتم كل واحد منهما شأنه عن صاحبه ثم قالا لها أين منزلتك؟ فأخبرتهما فقالا لها: ارجعي يومك هذا حتى تنظر في آمرك، فلما قاما من مجلسهما ذهب كل واحد منهما سرا دون صاحبه حتى اتفقا على الباب فأخبر كل منهما صاحبه بما في نفسه، واستأذنا عليها فأذنت لهما فذكرا لها ما في آنفسهما قالت: آنتما على غير ديني فادخلا في ديني واسجدا لصنمي حتى أطيعكما فقال أحدهما لصاحبه: إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فلا سبيل إلى الشرك قالت: فإن أبيتما فإن لي جارية حسناء فأنا أزينها لكما فشأنكما لها فقالا: بل نريدك، قالت: أما إذا أبيتما فإن عندي (1) انظر تفسير الآية في: القرطبي محمد بن أحمد الأنصاري، أبي عبد الله (ت 671 ه)، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان ط1 1420 ه- 2000 م، 29/1 39.
पृष्ठ 40