من إنشاء سحاب ماطر كما قيل للتي لا تأتى بخير ريح عقيم. والثاني أن اللواقح بمعنى الملاقح كما قال:
* ومختبط مما الطوائح * يريد المطاوح جمع مطيحة . قوله ليبك ببناء الفعل للمفعول وإسناده إلى يزيد كأنه قيل له من يبكيه؟ فقال ضارع. والضارع: هو الذي ذل وضعف. والمختبط: السائل. وتطيح: تهلك، تقول طاح الشئ يطيح ويطوح إذا هلك. قال الجوهري: طوحته الطوائح: قذفته القواذف، ولا يقال المطوحات وهى من النوادر. وقيل إنه من قبيل ما حذفت منه الزوائد كقوله تعالى (وأرسلنا الرياح لواقح) أي ملقحات. قال أبو حاتم: سألت الأصمعي لم قال الطوائح والقياس المطيحات أو المطاوح؟ قال: هو جمع طائحة، تقول: ذهبت طائحة من العرب: أي فرقة، وما مصدرية بمنزلة الإطاحة كما تقول يعجبني ما صنعت.
(إني أرقت فبت الليل مرتفقا * كأن عيني فيها الصاب مذبوح) في سورة الكهف عند قوله تعالى (بئس الشراب وساءت مرتفقا) وأصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخد وأنى ذلك في النار وإنما هو لمقابلة قوله (حسنت مرتفقا) وفى الصحاح بات فلان مرتفقا: أي متكئا على مرفق يده وهو هئئة المتحزنين المتحسرين، فعلى هذا لا يكون من المشاكلة ولا للتهكم بل هو على حقيقته كما يكون للتنعم يكون للتحزن، والصاب شجر مر يحرق ماؤه العين، قال:
مسرة أحقاب تلقيت بعدها * مساءة يوم أريها شبه الصاب فكيف بأن تلقى مسرة ساعة * وراء تقضيها مساءة أحقاب ومعنى البيت: إني سهرت وبت الليل متكئا على المرفق كأن الصاب في عيني مذبوح: أي مشقوق. وتقديره:
كأن عيني مذبوح فيها الصاب: أي مشقوق، وليس يريد بالمذبوح الذي تفرى أوداجه وينهر دمه، ومثله قول الآخر * فأرة مسك ذبحت في مسك * أي شقت، وقيل لما يذكى ذبح لأنه نوع من الشق فقالوا ذبحت الشاة والبقرة، وقالوا في الإبل نحرت لما كانت توجأ في نحورها فوصف الدم بأنه ذبيح، والمعنى: أن الدم مذبوح له كما أن قوله (بدم كذب) معناه مكذوب فيه. وليل نائم: أي ينام فيه ونهار صائم، وأما قول الفرزدق: فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام فهو من المقلوب: أي أفض ختام الأغلاق، ألا ترى أن الأغلاق والأقفال المختوم عليها إنما يفض الختم الذي عليها.
(إذا غير النأى المحبين لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح) في سورة النور عند قوله تعالى (إذا أخرج يده لم يكد يراها) مبالغة في لم يرها: أي لم يقرب أن يراها فضلا عن أن يراها: أي لم يقرب من البراح فما له يبرح، وهو من برح الخفاء إذا ظهر، الرسيس الشئ الذي لزم من بقية هوى أو سقم في البدن، ويقال: رس الهوى وأرس إذا ثبت في القلب. ومية: اسم امرأة، ويبرح: يزول، ويقال برح برحا إذا دام في موضعه، ومنه لا أبرح أفعل ذاك: أي لا أزال أفعله. البيت لذي الرمة من قصيدته المشهورة التي أولها:
أمنزلتي مى سلامي عليكما * على النأى والنائي يود وينصح ولا زال من نوء السماك عليكما * ونوء الثريا وابل متبطح وإن كنتما قد هجتما راجع الهوى * لذي الشوق حتى ظلت العين تسفح
पृष्ठ 362