قالوا أفما يدل قوله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء) على ان الامر بما لا يطاق يحسن لأن الملائكة لم تقدر على هذه الأسماء ولذلك قالت (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا). وجوابنا ان ذلك جعله الله تعالى معجزة لآدم ودلالة على نبوته من حيث عرفه أسماء المسميات جميعا فعرفت الملائكة بذلك انه نبي وعظمته وجعل الله تعالى ذلك مقدمة الى ما أمرهم به من تعظيمه بقوله (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) والمراد عظموه بتوجيه السجود اليه وان كنتم تعبدون الله تعالى بذلك ولذلك قال تعالى (فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) وانه تعالى قد عرف الملائكة بما كتب في أم الكتاب من الآجال والأرزاق وغيرهما إنه عالم بذاته بكل شيء فقال لهم (ألم أقل لكم) ألم أدلكم منبها على ان الذي خص به آدم من الاسماء لم يخصهم به ارادة لاظهار نبوته وتعظيمه وقوله (أنبئوني) هو على وجه التحدي وتقدير عجزهم ولذلك كان جوابهم (لا علم لنا إلا ما علمتنا) ولذلك قال (إن كنتم صادقين) ومن لا علم له لا سبيل له الى العلم بانه صادق في الاخبار عما لا يعلم ومعلوم انهم لو أخبروا لجاز أن يكونوا كذبة ولا يجوز أن يأمر تعالى بما هذا حاله.
[مسألة]
قالوا كيف استثنى تعالى ابليس من الملائكة وهو من الجن في قوله (فسجدوا إلا إبليس) وجوابنا انه لما دخل معهم في الأمر له بأن يسجد لآدم وأريد منه ذلك بهذا القول فصح الاستثناء لأن الاستثناء من جهة المعنى لا يكون الا كذلك وذم الله تعالى له بأنه لم يسجد وتكفيره اياه يدل على قدرته على السجود بخلاف قول القدرية انه تعالى يأمر بما لا يقدر العبد عليه وقوله تعالى في وصف ابليس (أبى) يدل أيضا على بطلان قولهم لانه لا يقال أبى الا اذا قدر على الشيء ثم امتنع منه اذ أبى فعل نفسه.
[مسألة]
पृष्ठ 22