بيان : وبعد ذلك طرق الفنى بالحضرات الإلهية ، وهي التي نظمها ابن الفارض في التائية التي سماها نظم السلوك إلى خدمة ملك الملوك ، فجعلها كأنها حالة النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر عن أحوالها في ذلك ، وعن أحوال السالكين إلى الله تعالى ، فإنه ليس في ديوانه بيت شعر يعني به نفسه ، بل كله كأنه ناطق بحالة [49/ب]النبي - صلى الله عليه وسلم - بلسان الحال ، وطرق الفنى عن الكائنات في بعض الأحيان تأتي السالكين إلى الله بطريق المحبة على حضرات كثيرة منها حضرات مقيدة أي بحضوره مع الله بصفة مشاهدة في شيء من خلقه كعظم (¬1) قدرته شاهدها في شيء مخصوص ، ومنها حضرات مطلقة أي تحضر مع الله تعالى بصفات كثيرة في ذلك الحين ، [42/ج]كما قال ابن الفارض (¬2) :
سقتني حميا الحب راحة مقلتي ... وكأسي محيا من عن الحسن جلت (¬3)
¬__________
(¬1) في ب لعظم.
(¬2) عمر بن علي بن مرشد بن علي(576-632ه=1181-1235م) الحموي الأصل المصري المولد والدار والوفاة ،أبو حفص وأبو القاسم ، شرف الدين ابن الفارض : أشعر المتصوفين يلقب بسلطان العاشقين في شعره فلسفة تتصل بما يسمى "وحدة الوجود"نشأ في بيت علم وورع.(وفيات الأعيان(1 / 383)،ميزان الاعتدال(2 / 266) ، شذرات الذهب( 5 /149-153) ، لسان الميزان( 4 / 317).
(¬3) ابن الفارض ، الديوان ، شرح و تقديم مهدي محمد ناصر الدين ، ط 1 ، 1410ه - 1990 ، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان ، ص 26 ، من مطلع قصيدة لوائح الجنان و روائح الجنان أو نظم السلوك ، وهو أول بيت فيها ، حميا الحب : الخمر ، الراحة ك باطن الكف ، مقلتي : عيني ، المحيا : الوجه ، جلت : تنزهت و ترفعت . من شرح الديوان التعليق 2 ص 26 .
पृष्ठ 77