أن ١ رسول الله ﷺ قال: "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطّت ٢ السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد - وددت أني كنت شجرة تعضد - " ٣. وقال فيه: "هذا حديث حسن غريب " ٤. ويروى عن أبي ذر موقوفا. فهذا الفصل المشتمل على (التمني) ٥ آخر الحديث لا يجوز أن يكون من قول النبي ﷺ مع عظم منزلته عند الله تعالى، وما جعل الله على يديه من هداية الأمة، وما أعلمه الله به من منزلته يوم القيامة، وأنه مغفور له ما تقدم وما تأخر، إلى غير ذلك، بل هو من قول أبي ذر- رضي ٦ الله عنه-، بيّن ذلك القاضي عياض وغيره، وأنه روى ذلك مصرحا به أنه من قول أبي ذر ٧، وأدرج في الحديث، إن لم يكن كله موقوفا، وفي كون أوّله موقوفا نظر أيضا، إذ لا يقول أبي ذر ٨ ﵁: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون " ٩، بل هذا ظاهر في أنه كلام النبوة، فوهم من وقف جملة الحديث، كما وهم من أدرج الفصل الأخير فيه، والأقوى التفصيل. والله أعلم.
١٤- ومنها: ما روى البخاري في كتاب المحاربين ١٠، حدثنا محمود ١١، حدثنا عبد الرزاق ١٢، أنا معمر ١٣، عن الزهري، عن أبي سلمة ١٤، عن جابر ﵁: "أن رجلا من أسلم ١٥ جاء إلى النبي ﷺ فاعترف بالزنا"، فذكر الحديث، وقال في آخره "فرجم حتى مات"، فقال له النبي ﷺ خيرا، وصلى عليه ".
_________
١ عند الترمذي قال: قال رسول الله ﷺ.
٢ أي: سمع لها صوت، والأطيط: صوت الأقتاب، قرب به المعنى لبيان كثرة الملائكة. انظر (النهاية ١/٥٤) .
٣ هكذا في الأصل. وعند الترمذي: "إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصّعدات، تجأرون إلى الله، لوددت أني كنت شجرة تعضد".
٤ جامع الترمذي ٤/٥٥٦.
٥ في الأصل: "النهي". والأليق بالمقام التمني لقوله: "لوددت".
٦ ١٢/أ.
٧ التصريح به من قول أبي ذر عند الإمام أحمد في مسنده ٥/١٧٣. وذكر الحديث ثم قال: "فقال أبو ذر: "والله لوددت أني شجرة تعضد".
٨ سقطت من الأصل.
٩ هذا فهم جيد من المؤلف ﵀ ولا أراه إلا مصيبا. والتفصيل على ضوء رواية أحمد هو الصواب. والله أعلم.
١٠ الحدود والمحاربين خ ٨/٢٢.
١١ ابن غيلان أكثر عنه الإمام البخاري. (الفتح ١٢/١٣٠) .
١٢ ابن همام.
١٣ معمر بن راشد.
١٤ ابن عبد الرحمن.
١٥ هو ماعز بن مالك.
1 / 75