منهم علي، وابن عمر، وابن عباس ١ وأبو هريرة ﵃ فقالوا: ٢ إن الدخان كبير (يورى النيران) ٣، لم يأت بعد، بل يجيء في آخر الزمان، من أشراط الساعة، وهذا هو الصحيح - إن شاء الله تعالى -، لما روى مسلم، عن حذيفة بن أسيد أن رسول الله ﷺ قال:
"لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج ٤، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم" ٥، فهذا نص صريح في أن الدخان لم يأت بعد، وجاء فيه مفسرا أيضا حديثان، لا أعرف الآن سندهما، أحدهما: عن حذيفة ﵁ أن النّبي ﷺ قال:
"من أشراط الساعة: دخان يمكث في الأرض أربعين يوما" ٦. والآخر: عن ابن مسعود نحوه. وزاد: "فيأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ويدخل جوف الكافر والمنافق حتى ينتفخ" ٧. وذكر بعض الأئمة في الجمع بين هذه الأحاديث وقول ابن مسعود - رضي الله
_________
١ في الأصل: أسقط الهمزة من (ابن) .
٢ أما قول علي ﵁ فأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (رسالة في تفسير سورة الدخان، حديث رقم ٢٧٥٥)، ونقله عنه الحافظ في الفتح ٨/٥٧٢، وكذلك أبو حاتم، من طريق الحارث. وذكره الحافظ ابن كثير نقلا عن أبي حاتم - تفسير ابن كثير ٤/١٣٩. وقول ابن عمر: أخرجه ابن جرير، من طريق ابن البيلماني عن ابن عمر، جامع البيان ٢٥/٦٨. ومن طريقه ذكره ابن كثير ٤/١٣٩. وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير من طريق ابن أبي مليكة، جامع البيان٢٥/٦٨، قال الحافظ ابن كثير: "وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس (تفسير ابن كثير ٤/١٣٩) . وذكره الحافظ عن عبد الرزاق، ويشك في أن لفظة (الدجال) تصحفت إلى (الدخان) ولا أرى شكه واردا. (الفتح ٨/٥٧٢-٥٧٣) .
ولم أقف على قول أبي هريرة. وأخرج عبد الرازق قول ابن مسعود، وقال ابن كثير: "قد وافق ابن مسعود على تفسير الآية بهذا، وأن الدخان مضى جماعة من السلف، كمجاهد، وأبي العالية، وإبراهيم النخعي والضحاك، وعطية العوفي، وهو اختيار ابن جرير. جامع البيان ٢٥/٦٨،٦٩، ابن كثير (٤/١٣٨)، وقال أيضا - بعد أن ذكر قول ابن عباس -: "وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ﵄ حبر الأمة، وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين ﵃ أجمعين -، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما، التي أوردها بما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن قال الله ﵎: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ (الدخان:١٠) أي: بين واضح، يراه كل أحد، وعلى ما فسره به ابن مسعود، إنما هو خيال رأوه في أعينهم، من شدة الجوع والجهد، وهكذا قوله تعالى: ﴿يَغْشَى النَّاسَ﴾: يتغشاهم ويعميهم...، (ابن كثير ٤/١٣٩) .
٣ العبارة لم تتضح لي قراءتها.
٤ ٩/أ.
٥ م ٤/٢٢٢٥. وقد أورد المصنف هذا اللفظ من أكثر من رواية.
٦ أخرجه ابن جرير، وأشار إلى أنه لم يصح، ودلل على ذلك. (جامع البيان ٢٥/٦٨)، قال ابن كثير: "وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث هاهنا، فإنه موضوع بهذا السند". (ابن كثير٤/١٣٩) .
٧ لم أقف عليه من رواية ابن مسعود. وأخرجه ابن جرير، عن أبي مالك الأشعري. (جامع البيان ٢٥/٦٨) .
1 / 69