سليم إلى بني عامر، في سبعين، فلما قدموا قال لهم خالي ١: أتقدمكم ... " وذكر قصة بئر معونة ٢، هكذا تتبعته في عدة نسخ من الأصول، "من بني سليم"، وهو غلط، إما من النساخ ٣، أو من بعض الرواة ٤، وغفل عنه المصنف ٥ ﵀، لأن الذين استشهدوا ببئر معونة كانوا من الأنصار، لكن المبعوث إليهم هم بنو سليم، وهم رعل وذكوان، وعصية، وبنو لحيان، وكلهم بطون من بني سليم، وقد رواه البخاري – أيضا - في المغازي ٦، عن موسى بن إسماعيل، عن همام، ولم يقل: (من بني سليم) ٧. وأخرجه- أيضا- من طريق فيها عن أنس ﵁ "أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله ﷺ على عدوهم، فأمدهم بسبعين من الأنصار، كما كنا ٨ نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يخطبون بالنهار، ويصلون بالليل، حتى - إذا - ٩ كانوا ببئر معونة، قتلوهم وغدروا بهم ... " ١٠ الحديث. فهذا هو الصواب، وهو المعروف في جميع الكتب ١١.
٨- ومنها: ما رواه مسلم في أوّل كتاب الجنائز من صحيحه ١٢، من طريق - عمر - ١٣ بن كثير بن أفلح، عن ابن سفينة ١٤، عن أم سلمة قالت: "سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول - ما أمره الله ﷿: ١٥ إنا لله وإنا إليه راجعون ١٦، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها" قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أوّل بيت هاجر إلى رسول الله ﷺ، ثم قلتها" الحديث هكذا وقع في جميع النسخ، وهو غلط، وصوابه: "أوّل بيت هاجر إلى الله"، وزيد فيه لفظة (رسول)، وهما: إما من النساخ، أومن بعض الرواة، فإن أبا سلمة ﵁ كان بمكة مع النبي ﷺ وهو أول من هاجر من مكة إلى أرض الحبشة، مع زوجته أم سلمة ﵄ فلم تكن هجرته إلى النبي ﷺ وكذلك أيضا هجرته إلى المدينة ثانيا، فإنه رجع بأهله إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، والنبي ﷺ مقيم بعد مكة، قال ابن إسحاق: "هو أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله ﷺ ١٧ فلم تكن هجرته إلى رسول الله ﷺ ١٨، ولم ينبه على هذا أحد من شراح كتاب مسلم. والله أعلم.
_________
١ حرام بن ملحان.
٢ موقع بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، قريب من عسفان، بين مكة والمدينة، انظر (معجم البلدان ١/٣٠٢) .
٣ هذا الرأي له ما يؤيده. قال الحافظ: "فلعل الأصل": "بعث أقواما معهم أخو أم سليم إلى بني عامر" فصارت من بني سليم" الفتح (٦/١٩)، أي تصحف من (أم سليم) إلى (بني سليم) .
٤ وكذلك هذا الرأي له ما يؤيده، أن الحافظ نسب الوهم فيه إلى حفص، قال:" والوهم في هذا السياق، من حفص بن عمر - شيخ البخاري -، فقد أخرجه هو - يعني البخاري - في - المغازي - خ ٥/٤٢ - عن موسى بن إسماعيل، عن همام، فقال: "بعث أخا لأم سليم في سبعين راكبا" (الفتح ٦/١٩) .
٥ يعني الإمام البخاري ﵀ مع أنه رواه على الصواب في المغازي.
٦ خ ٥/٤٢.
٧ وقال:" بعث أخا لأم سليم في سبعين راكبا".
٨ في الأصل: "كما كنا".
٩ زيادة في المخطوطة. ولفظه (يخطبون) وردت في الجهاد عند البخاري، وفي المغازي (يختطبون) .
١٠ خ ٥/٤٢.
١١ يعني أن قوله: "من بني سليم" تصحيف، وأن الصواب: "بعث أخا لأم سليم" فبنوا سليم مبعوث إليهم.
١٢ م ٢/٦٣١،٣٦٢.
١٣ في المخطوطة: "محمد" والتصويب من صحيح مسلم.
١٤ يقال اسمه: مهران، مولى رسول الله ﷺ.
١٥ زيادة في الأصل.
١٦ قال الله ﷿: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ الآية ١٥٦ من سورة البقرة، والدعاء ثابت في السنة.
١٧ انظر هجرته إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، (سيرة ابن هشام ١/٢١٣، ٢/٣٢١) .
١٨ كلام المصنف وجيه في نظري، ولو كانت العبارة (إلى الله ورسوله) لما صح الاعتراض، عملا بقوله ﷺ: " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله"، وهذا يعم من هاجر قبله ومعه وبعده.
1 / 67