رسول الله ﷺ إذا نزل ... "، وذكر بقية الحديث. وهو مشكل لأن ظاهره يقتضي أن ابتداء خدمة أنس للنبي ﷺ ١ كانت يومئذ، وليس كذلك، بل هي من أول مقدم النبي ﷺ المدينة، قال محمد بن عبد الله الأنصاري ٢: حدثني حميد، عن أنس ﵁ قال: "لما قدم النبي ﷺ المدينة أخذت أم سليم بيده فقالت: يا رسول الله، هذا أنس غلام، كاتب لبيب يخدمك، فقبلني رسول الله ﷺ.
وروى أحمد ٣ في السنة عن إسماعيل بن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: "لما قدم النبي ﷺ المدينة أخذ أبو طلحة بيدي، فانطلق بنا إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن أنسا غلام كيّس فيخدمك، قال: فخدمته في السفر والحضر" ٤.
وفي صحيح مسلم ٥، من حديث حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس أنه قال: "خدمت رسول الله ﷺ عشر سنين ... " الحديث فهذا هو الصحيح، ثم إن تبويبه باب من غزا بصبي، وقول أنس: "وأنا غلام راهقت الحلم" مشكل ٦ أيضا؛ ففي الصحيحين ٧ من طريق الزهري عن أنس ﵁ قال: "قدم النبي ﷺ المدينة وأنا ابن عشر سنوات ومات وأنا ابن عشرين"، فيكون عمر أنس عام خيبر نحو سبع عشرة سنة، لأنها كانت فيما ذكر ابن إسحاق ٨ وغيره، في أول سنة سبع، وقد أعاد البخاري الحديث بهذا اللفظ أيضا في كتاب الأطعمة ٩ عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر ١٠، وعمرو بن أبي عمرو ١١، وكان الوهم فيه من عمرو بن أبي عمرو، فإنه وإن روى عنه
_________
١ ٧/أ.
٢ من كبار شيوخ البخاري، وقاضي البصرة وعالمها ومسندها. (شذرات الذهب ٢/٣٥) .
٣ ومن طريقه أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ٤/١٨٠٤.
٤ المسند ٣/١٠١، ولا تعارض بين الروايتين فالسياق ظاهر في اختلاف الواقعتين.
٥ م ٤/١٨٠٤، قال الحافظ: "ينحط الالتماس على الاستئذان في المسافر به، لا في أصل الخدمة، فإنها كانت متقدمة، فيجمع بين الحديثين بذلك" الفتح (٦/٨٧) .
٦ صحيح أن الغالب استخدام هذا الوصف فيما دون هذا السن بكثير فالصبي من لدن يولد إلى أن يفطم. (اللسان ١٤/٤٥٠)، ولكن لا يمنع أن يقال له: ولد طفل وصبي إلى الخمس عشرة، وتجوز البخاري فبوب على هذا، والله ﷿ – يقول: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ﴾ (النور: الآية: ٥٩)، فلا إشكال.
٧ خ ٦/١٤١، ١٤٢، ٢٠٤، ٢٠٦، م ٣/١٦٠٣.
٨ في المحرم من سنة سبع، (ابن هشام ٣/٧٩١) .
٩ خ ٦/٢٠٦،٢٠٧.
١٠ ابن أبي كثير.
١١ مولى المطلب.
1 / 65