حتى احتملوه، فوضعوه عند بئر زمزم ". ثم ذكر القصة بطولها، في شق قلبه ١، ثم الإسراء به ٢.
فيكون الذي وقع قبل النبوة تلك الليلة الأولى فقط ٣ ثم إنما جاؤوا في الليلة الأخرى بعد ٤، وليس فيها ما يشعر بأنها كانت قبل أن يوحى إليه، فاندفع حينئذ ما اعترض به ابن حزم، وما ترتب على ذلك من الالتزام الذي التزمه أبو شامة وغيره.
نعم، وقع في حديث شريك هذا، في كتاب لبقية الروايات عن أنس في عدة مواضع، ومنها جعله في المقام، ولهذا (أعرض) ٥ مسلم عن سياق حديثه، بل ذكره سنده بعد سياق الحديث من طريق ثابت، عن أنس، وقال في سند: شريك، فقدم وأخر، وزاد ونقص ٦. والمقصود إنما هو دفع ما اعترض به على قوله ذلك "قبل أن يوحي الله"، والله أعلم.
٤- ومنها: ما وقع في حديث الإفك الذي رواه ابن شهاب، عمن تقدم من شيوخه، عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ لما قام على المنبر فقال:
"يا معشر المسلمين، من يعذرني في رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي " الحديث. فقام سعد بن معاذ الأنصاري ﵁ فقال: "أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس، ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرك"، قالت: فقام سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية - فقال لسعد بن معاذ: "كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تعذر على قتله"، فقام أسيد بن حضير- وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال لسعد بن عبادة: "كذبت لعمر الله لنقتلنه" ٧ الحديث. هذا لفظ مسلم، من طريق يونس ومعمر عن الزهري، وقال: "السياق لمعمر" ٨. ثم رواه من حديث فليح بن سليمان، عن الزهري، ومن طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه ٩، عن صالح بن كيسان، عن الزهري ١٠.
_________
١ ٤/ب.
٢ خ٨/٢٠٣.
٣ أي لم يحدث فيها سوى المحاورة المذكورة في الحديث، وهو ما فهمه الحافظ أيضا.
٤ هذا هو الحق. ويؤيده ما جاء في الحديث نفسه. أن جبريل أجاب بواب السماء لما سأله، وقد بعث إليه؟ قال: "نعم". (خ ٨/٢٠٤) وقد نبه إليه الحافظ ﵀ (الفتح ١٣/٤٨١) .
٥ في الأصل: "أعترض".
٦ م ١/١٤٨.
٧ ٥/أ.
٨ م ٢١٢٩١٤. وقوله: "يا معشر المسلمين ... الخ" ٢١٣٣، ٢١٣٤.
٩ إبراهيم بن سعد.
١٠ م ٤/٢١٣٧.
1 / 60