الجهاد وأما الجهاد فهو عبادة شرعت في النفس والمال قال تعالى : (( أنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون )) والمعنى في ذلك والله أعلم ، إن الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله مع انتفاء الريب عنهم في إيمانهم هم الصادقون في الإيمان فمن قصر في خصلة من هذه الخصال المذكورة في الآية فليس بصادق في إيمانه ، وقال تعالى : (( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص )) وقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) وقال تعالى : (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم )) وقال تعالى : (( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )) ففي هذه الآية العظيمة ما لا يخفى من وجوب إيثار الجهاد في سبيل الله على الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة وجميع أحوال الدنيا . فمن عاقه عن الجهاد في سبيل الله شيء من هذه الأحوال المذكورة في الآية فهو إنما يتربص إتيان أمر الله ، والمراد بذلك التهديد والتوعد بالعذاب لتارك الجهاد المتعلل بشيء من هذه الأعذار .
وجوب الجهاد وفضله
وبالجملة فكثير من الآيات القرآنية بل غالب القرآن محرض على الجهاد ودال على وجوبه وفضله ، ألا تراه كلما ذكر فيه بعض الصالحين من الأمم المتقدمة أثنى عليهم بالثبات والصبر والجهاد في سبيل الله ، وكذلك الأوامر المتوجهة إلى هذه الأمة من نحو قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون )) وكذلك السيرة النبوية من أول أمره صلى الله عليه وسلم إلى أن قبضه الله إليه فإنه لم يفتر عن الجهاد منذ أمره ربه بالجهاد ، وقد سلك طريقة الواضح في ذلك أصحابه الكرام ثم من بعدهم من أئمة الإسلام ، ولو لا الجهاد لم يوحد الله في أرضه ، ولما علت كلمته ولما ظهر دينه .
पृष्ठ 76