بين الصفا والمروة : ثم تنحدر من الصفا قاصدا إلى المروة تمشي وأنت تقول : اللهم أجعل هذا المشي كفارة لكل مشي كرهته مني ولم ترضه ، فإذا أتيت العلم هرولت بين العلمين وأنت تقول :رب أغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم واهدنا إلى الصراط الأقوام إنك أنت الأعز الأكرم ، وأنت الرب وأنت الحكم ، اللهم نجنا من النار سراعا سالمين ولا تخزنا يوم الدين .
ما يقال عند المروة : فإذا أتيت العلم الذي يلي المروة أمسك عن الهرولة وامش إلى المروة فاصعد عليها بقدر ما تقابل البيت ، ثم تدعو بدعائك على الصفا تقول ذلك ثلاث مرات في كل شوط وعلى المروة .
الإحلال من العمرة : فإذا أتممت سبعة أشواط من الصفا إلى المروة تبدأ بالصفا وتختم بالمروة فانحدر من المروة واحلق رأسك فقد احللت من عمرتك ، وقد حل لك كل شيء من الحلال إلا الصيد من الحرم فإنه حرام على المحلين والمحرمين ، هذا إن كنت متمتعا بالعمرة إلى الحج ، وإن كنت قارنا بينهما فلا تحل من العمرة حتى يتم الحج .
पृष्ठ 66
الإحرام بالحج فإذا احللت من عمرتك وأردت الإحرام بالحج عشية التروية وهي اليوم الثامن من ذي الحجة فاغتسل بالماء وتوضأ كما مر والبس ثوبي إحرامك ثم طف سبعا وصل ركعتين ، وليس هذا الطواف واجبا لكنه مستحب ثم أجهر بالتلبية وتقول : لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك يا الله . تقول ذلك ثلاثا ، والمسلمون يستحبون أن يكون هذا الإحرام من البطحاء من المسجد الذي يقال له مسجد الجن ، وحيثما أحرم من البطحاء أجزاه وإن أحرم من الحرم أجزاه .
पृष्ठ 67
الخروج إلى منى ثم توجه إلى منى وابتهل إلى الله في الدعاء فإذا أتيت منى قلت : اللهم إن هذه منى وهي مما دللت عليه من المناسك أسألك أن تمن علي فيها وفي غيرها بما مننت به على أوليائك وأصفيائك فها أنا ذا عبدك وبين يديك وفي قبضتك . وأنزل بها وصل فيها خمس صلوات تجمع فيهن بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، والصلاة الخامسة هي الفجر ، وبت فيها مع الناس وأكثر فيها من ذكر الله ، ويستحب أن يكون مسيرك من مكة إلى منى ثم إلى المزدلفة ثم إلى عرفة ورجوعك إلى مكة كل ذلك في الطريق الأعظم إلا إذا منعك منها عذر .
التوجه إلى عرفات
ثم خذ في الرحيل إلى عرفات ولا تجاوز منى إلا بعد طلوع الشمس فامض إلى عرفات وأنت في ذلك تلبي ولا تقطع التلبية وقل في غدوك : اللهم إليك صمدت وإليك قصدت وما عندك أردت أسألك أن تبارك لي في رزقي وأن تلقيني في عرفات حاجتي وأن تباهي بي من هو أفضل مني .
पृष्ठ 68
ما يقال عند النزول في عرفات : فإذا أتيت عرفات فانزل بها وقل : اللهم هذه ، عرفات فاجمع لي فيها جوامع الخير كله واصرف عني فيها جوامع الشر كله وعرفني فيها ما عرفت أولياءك وأصفياءك وأهل طاعتك واجعلني متبعا لسنتك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وتقعد فيها ، فإذا زالت الشمس فاغتسل إن أمكنك ذلك فإنه مستحب وإلا أجزأك الوضوء ثم تصلي صلاة الظهر والعصر مع الناس ، وادع بما فتح الله واجتهد في الدعاء واسأله وادع مثل دعائك على الصفا والمروة وأكثر من قول ((، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم )) واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ، واسأله حوائجك كلها وأكثر في المسألة والدعاء حتى تغرب الشمس .
الإفاضة
ثم أفض من عرفات إلى المشعر الحرام وأنت تقول : اللهم إليك أفضت وإليك قصدت وما عندك أردت ومن عذابك أشفقت .
पृष्ठ 69
المشعر الحرام : فإذا أتيت جمعا فقل : اللهم هذه جمع فاجمع لي فيها جوامع الخير كله واصرف عني فيها جوامع الشر كله ، واجتهد في تلك الليلة في الدعاء بما قدرت عليه ، ثم صل المغرب والعشاء جمعا ، وبت مع الناس ، وهيء منها سبعين حصاة مثل حصا الخذف واغسلها ، و إذا طلع الفجر فصل ، ثم قف عند المشعر الحرام و ادع مثل دعائك على الصفا والمروة واحمد الله و اثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ، ثم أفض من جمع قبل طلوع الشمس وأنت في ذلك تلبي ولا تقطع التلبية حتى تأتي جمرة العقبة .
رمي الجمار : فإذا أتيت جمرة العقبة اقطع التلبية وقل : اللهم أهدنا للهدى ووفقنا للتقوى وعافنا في الآخرة و الأولى ثم أرم الجمرة من بطن الوادي بسبع حصيات وكبر فيها مع كل حصاة تكبيرة وقل في إثر كل تكبيرة : ولله الحمد ، فإذا تم رميك قل : اللهم هذه حصياتي وأنت أحصى لهن مني فتقبلهن مني واجعلهن في الآخرة ذخرا لي وأثبني عليهن غفرانك ، ثم انصرف وأنت تقول : اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وارزقنا نضرة وسرورا .
पृष्ठ 70
الذبح والحلق وزيارة البيت : ثم اذبح و احلق وقل : اللهم بارك لي في تفثي واغفر لي ذنبي ، واشكر لي حلقي ، وأكثر من قول الحمد لله رب العالمين رب السموات السبع ورب العرش العظيم وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ، في كل موقف ، ثم تمضي لزيارة البيت . فإذا حلقت فقد حل لك الحلال كله إلا النساء والصيد فحتى تزور البيت .
زيارة البيت
فإذا أتيت البيت للزيارة فافعل في زيارتك جميع ما فعلته في عمرتك ، من الطواف والسعي والدعاء والتسبيح والتهليل والتكبير .
पृष्ठ 71
ثم انصرف إلى منى ولا تبت بمكة واقعد بمنى أيام التشريق ، وارم الجمار بعد ما تزول الشمس ، وابدأ بالجمرة التي تلي المشرق ، وارمها بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة فإذا فرغت من رميها فتقدمها واستقبل القبلة وادع مثل دعائك على الصفا والمروة تفعل ذلك ثلاث مرات ، ثم امض إلى الجمرة الوسطى فاجعلها على يمينك وارمها بسبع حصيات ، وتكبر مع كل حصاة تكبيرة فإذا فرغت من رميها فتقدمها إلى يسارها عند المسيل وادع كما وصفت لك عند الجمرة الأولى ، ثم ائت جمرة العقبة وارمها من بطن الوادي ، وكبر مع كل حصاة تكبيرة ، فإذا فرغت من رميها ، فانصرف من حيث جئت ولا تقف عندها إذا رميتها ، وافعل ذلك أيام التشريق .
पृष्ठ 72
الوداع فإذا فرغت من رميها في اليوم الثالث أو الثاني إن أردت أن تعجل في يومين فرح مع الناس إلى مكة فأقم بها ما بدا لك ، وأكثر من الطواف ، فإذا أردت الخروج من مكة فائت البيت وطف به سبعة أشواط ، ثم تصلي ركعتين ثم ائت زمزم واشرب من مائها وصب على رأسك ، وقل كما وصفت لك عند العمرة ، ثم ارجع فقم بين الباب والحجر الأسود واعتمد بيدك اليمنى على أسكفة الباب حيث تبلغ يدك ، ويدك اليسرى قابضة أستار الكعبة وادع بما فتح الله لك من الدعاء ، وقل عند ذلك : اللهم لك حججنا وبك آمنا ولك أسلمنا وعليك توكلنا وبك وثقنا و إياك دعونا فتقبل نسكنا واغفر ذنوبنا واستعملنا لطاعتك ، اللهم إنا نستودعك ديننا وإيماننا وسرائرنأ وخواتم أعمالنا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم اللهم اقلبنا منقلب المدركين رجاءهم ، المحطوطة خطاياهم ، الممحاة إساءتهم المطهرة قلوبهم ، منقلب من لا يعصي لك بعدها أمرا ولا يحمل وزرا ، منقلب من عمرت بذكرك لسانه ، وزكيت بزكاتك نفسه ، ودمعت من مخافتك عيناه ، اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك حملتني على دابتك وسيرتني في بلدك فقد أقدمتني حرمك وأمنك فقد رجوت بحسن ظني أن تكون قد غفرت لي فازدد عني رضا وقربني إليك زلفى وإن كنت لم تغفر لي فمن الآن علي قبل أن تباعدني عن بيتك ، وهذا أوان انصرافي غير راغب عنك ولا عن بيتك ولا مستبدل بك ولا ببيتك ، اللهم لا تجعل هذا آخر العهد مني عن بيتك الحرام فاغفر لي وارحمني إنك أنت أرحم الراحمين ولا تنزع رحمتك مني ، اللهم إذا أقدمتني إلى أهلي فاكفني مؤنتي ومؤنة عيالي و مؤنة خلقك فإنك أولى بخلقك مني ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء النظر في الأهل و المال والولد . تائبون عابدون لربنا حامدون وإلى ربنا راغبون وإنا إلى ربنا لمنقلبون . وأخرج إذا ودعت ولا تبع ولا تشتر بعد الوداع ، وتمر وأنت محزون على فراق البيت والله أعلم .
المقصد الخامس : في الجهاد
पृष्ठ 74
الجهاد وأما الجهاد فهو عبادة شرعت في النفس والمال قال تعالى : (( أنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون )) والمعنى في ذلك والله أعلم ، إن الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله مع انتفاء الريب عنهم في إيمانهم هم الصادقون في الإيمان فمن قصر في خصلة من هذه الخصال المذكورة في الآية فليس بصادق في إيمانه ، وقال تعالى : (( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص )) وقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) وقال تعالى : (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم )) وقال تعالى : (( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )) ففي هذه الآية العظيمة ما لا يخفى من وجوب إيثار الجهاد في سبيل الله على الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة وجميع أحوال الدنيا . فمن عاقه عن الجهاد في سبيل الله شيء من هذه الأحوال المذكورة في الآية فهو إنما يتربص إتيان أمر الله ، والمراد بذلك التهديد والتوعد بالعذاب لتارك الجهاد المتعلل بشيء من هذه الأعذار .
وجوب الجهاد وفضله
وبالجملة فكثير من الآيات القرآنية بل غالب القرآن محرض على الجهاد ودال على وجوبه وفضله ، ألا تراه كلما ذكر فيه بعض الصالحين من الأمم المتقدمة أثنى عليهم بالثبات والصبر والجهاد في سبيل الله ، وكذلك الأوامر المتوجهة إلى هذه الأمة من نحو قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون )) وكذلك السيرة النبوية من أول أمره صلى الله عليه وسلم إلى أن قبضه الله إليه فإنه لم يفتر عن الجهاد منذ أمره ربه بالجهاد ، وقد سلك طريقة الواضح في ذلك أصحابه الكرام ثم من بعدهم من أئمة الإسلام ، ولو لا الجهاد لم يوحد الله في أرضه ، ولما علت كلمته ولما ظهر دينه .
पृष्ठ 76
مشروعية الجهاد : فهو إنما شرع لإظهار الإسلام وإخماد الكفر وقمع البغي وإزهاق الباطل .
المحاربون
فالمحاربون على نوعين : أهل شرك ، وأهل بغي . فأما المشركون فهم اليهود والنصارى والصابئون والمجوس وعبدة الأصنام من العرب وغيرهم ممن لا دين لهم سوى عبادة صنمه .
أهل الكتاب والمجوس و عبدة الأوثان : فأما اليهود والنصارى والصابئون والمجوس فيقاتلون حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وأما عبدة الأصنام فيقاتلون حتى يدخلوا في الإسلام ، ولا تقبل منهم الجزية فليس لهم إلا الإسلام أو السيف . وتجوز غنيمة أموال جميع المشركين في حال الحرب وكذلك يجوز سبي نسائهم وذرا ريهم في حال الحرب ، إلا المشركين من العرب ، فذهب أصحابنا من أهل عمان رحمهم الله تعالى إلى أنهم لا يسبون ولكن تغنم أموالهم .
पृष्ठ 77
الغنيمة وقسمتها ثم تجمع الغنيمة من بعد الهزيمة هزيمة المشركين فتقسم خمسة أقسام فيؤخذ منها الخمس ، وتقسم الأربعة الأسهم في المقاتلة من المسلمين فيعطى الفارس سهمين والراجل سهما ، و أما السهم الخامس فإنه يقسم كما ذكر الله تعالى في قوله عز من قائل : (( و اعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل )) .
البغاة : وأما البغاة فهم قوم من أهل التوحيد لكنهم خرجوا عن طاعة الإمام بغيا وعدوانا ، فإن الإمام يقاتلهم بعد قيام الحجة عليهم حتى يدخلوا في طاعته وينقادوا لحكمه ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذرا ريهم والله أعلم .
فيما يجب على المكلف تركه من عمل بدني وخلق نفساني وأول ذلك الكفر بنعمته .
पृष्ठ 78
كفر الشرك فأما الكفر بالله فهو الشرك بالله وذلك كالتكذيب لشيء من كتب الله المنزلة وكالتكذيب لنبي من أنبياء الله ، أو رد حرف من كتب الله ، أو إنكار نبي من أنبيائه ، وكالشك في وجود الله ، وكالجهل بمعرفة الله وكالجهل بمعرفة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، والجهل بمعرفة صفات الله تعالى الواجب إعتقادها من الكمالات الذاتية التي لا يسع مؤمنا الشك فيها ولا الجهل بها وكإنكار الموت أو البعث والحشر أو الحساب أو الجنة أو النار ، أو إنكار حكم من أحكام الله المنصوص عليها ، فإن هذا كله والعياذ بالله شرك .
كفر النعمة
وهي إرتكاب شيء من كبائر الذنوب من المعاصي الظاهرة أو الباطنة .
المعاصي الباطنة
فأما المعاصي الباطنة فهي : العجب ، والكبر ، والحسد ، و الرياء ، وما تولد منها من الأخلاق الردية .
पृष्ठ 79
العجب :فأما العجب فهو أن يستعظم الإنسان النعمة التي هو فيها مع قطع النظر عن إنعام المنعم بها ، فيرى لنفسه في تلك النعمة حظا ، وسبب ذلك حصول كمال في الصورة ، أو في الصفات ، أو في المال كالجمال والحسب والعلم والشجاعة والسخاء وكثرة المال ، فإذا استعظم المرء شيئا من هذه النعم ورأى أن هذه الصفات إنما صدرت عن استحقاق منه لها فذلك هو العجب ،و علاجه أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو المتفضل عليه بما أنعم عليه ، وأنه لا أثر لنفسه في شيء منها .
الكبر : وأما الكبر فهو أن يحتقر الخلق ويرد الحق وسبب ذلك أن يرى لنفسه عظمة وخصوصية ، وعلاجه أن ينظر إلى أصله الذي خلق منه وإلى منقلبه الذي يصير إليه .
الرياء : وأما الرياء فهو العمل لأجل الخلق فإذا أراد بفعله غير الله تعالى فهو مراء ، فالواجب عليه أن يترك جميع الخلق فلا يقصد بعمله إلا رضا ربه ، وعلاجه أن يعلم أن الخلق لا يملكون له نفعا ولا يدفعون عنه ضرا ، بل الفاعل لجميع ذلك هو الله الواحد الأحد .
पृष्ठ 80
الحسد : وأما الحسد فهو أن يتمنى زوال نعمة الغير التي أنعم الله بها عليه فيتمنى هو زوالها عنه ، وهو كبيرة من الذنوب ، فالواجب على كل مؤمن أن يترك الحسد وأن يعلم أن ذلك هو فضل الله على عباده يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، وإنما يعود .
إليه بخالص الضرر بحيث يشقى به في الدنيا و الآخرة ويجوز أن نتمنى مثل نعمة الغير وهذا المعنى يسمى (غبطة) ويجوز أن نتمنى زوال نعمة من أباح الله قتاله وزوال نعمتة والدعاء عليه بالنكال ، وذلك كالمحارب للمسلمين وكل من كانت نعمته بلاء على المسلمين .
الكبائر الظاهرة
و أما الكبائر الظاهرة : فكالزنا والربا وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وقتل النفس المحرمة ، وقطع الطريق وظلم العباد والسرقة وإيذاء المسلمين وتخويفهم والسعي بالفساد في الأرض ونصرة الباطل ومكابرة الحق ومعاندة أهله ، وشرب الخمر وجميع المسكرات ولبس الذهب والحرير ، إلى غير ذلك من الأفعال المحرمة بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة .
पृष्ठ 81
دعاء الختام و الحمد لله على تمام النعمة ، والصلاة والسلام على نبي الأمة ومصباح الظلمة ، سيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين والمرسلين قائد الغر المحجلين إلى رضاء رب العالمين صلى الله عليه وعليهم وسلم ثم الصلاة على آل النبي وصحبه وجميع المقتدين به إلى يوم الدين .
هذا آخر ما يسر الله كتابته إسعافا للسائل ، والله نسأل أن يكون عنده من أعظم الوسائل ، فإياه نعبد ورضاه نقصد وبه نستعين ومنه نطلب الثبات على الدين وأن يميتنا مسلمين اللهم ربنا أحينا ما أحييتنا مسلمين ، وأمتنا إذا أمتنا مسلمين واحشرنا حين تحشرنا مسلمين ، واجعلنا في زمرة أوليائك المحسنين ، وأغفر لنا ولأئمتنا وأشياخنا وإخواننا من علمنا منهم ومن جهلنا ، وتجاوز لنا ولهم عن سيئاتنا ، واختم لنا ولهم بصالح ترضاه فإنك ذو الفضل العظيم ترزق من تشاء بغير حساب والحمد لله رب العالمين .
و كان تمام هذه الرسالة ضحوة الجمعة الزهراء في غرة ربيع الأول من سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية آمين .
تم بعون من الله تعالى وتوفيقه
पृष्ठ 82
تلقين الصبيان لنور الدين السالمي
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب تلقين الصبيان
للشيخ العلامة المحقق الامام : نور الدين عبد الله بن حميد السالمي
الأقسام
المقصد الأول: في بيان ما يجب على الإنسان من الاعتقاد في الجنان
المقصد الثاني: في بيان ما يجب على الإنسان من العمل بالأركان
المقصد الثالث: الزكاة
المقصد الرابع: الحج
المقصد الخامس: الجهاد
الخاتمة
-------------------------------
المقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان ، وجعل له السمع والبصر والجنان ، والصلاة والسلام على سيد الخلق المبعوث من ولد عدنان ، وعلى آله وصحبه وعلى تابعيهم بإحسان .
سبب تأليف الكتاب
أما بعد: فقد سألني بعض الإخوان أصلح الله لي وله الشأن أن أضع له رسالة يسيرة في بيان أول ما يجب على الإنسان في أول حال التكليف ، وفي بيان بعض ما يؤمر به ، واقترح علي أن يكون ذلك بعبارة ظاهرة يفهمها الذكي والضعيف ، فأجبته إلى ذلك إسعافا لمراده والله سبحانه وتعالى ولي التسديد لمن لجأ إليه من عباده ، فها أنا أجعل مقصود السائل في مقصدين وخاتمة ، وأزيد عليه نافلة مقدمة نافعة للعامة .
فأما ( المقصد الأول ): فهو في بيان أول ما يجب على الإنسان من الإعتقاد بالجنان ، وأما ( المقصد الثاني ):فهو في بيان أول ما يجب على الإنسان من العمل بالأركان ، وأما ( الخاتمة ): فهي في بيان أول ما يجب على الإنسان اجتنابه وتركه من فعل بدني أو خلق نفساني .
पृष्ठ 1
وأما ( المقدمة ): فهي في بيان ما يؤمر به ولي الصبي كان أبا أو غير أب من المراعاة للصبي والسياسة له إلى حال بلوغه .
المقصد الأول: في بيان أول ما يجب على الإنسان من الاعتقاد بالجنان
سقوط التكليف عن الصبي
اعلم أن الصبي لا يجب عليه مادام صبيا شيء من الإعتقادات ولا شيء من العمليات ، وإنما جاز ضربه على تركه بعض ما يؤمر الولي بأمره به ، إنما هو من باب السياسة له ، وليس ذلك من باب ترك ما يجب على الإنسان فعله .
علامات البلوغ : فإذا بلغ الصبي حد البلوغ وهو حصول الحلم أي الماء الدافق أو نبات الشعر في الموضع المعتاد أو بلوغ خمس عشرة سنة على قول وهو الأصح ، أو سبع عشرة سنة على قول آخر ، ( والمرأة إن وجدت الحيض أو الحمل أو تكعب ثدياها ) ، فإذا وجد الصبي إحدى هذه العلامات حكم له وعليه بأحكام البالغ . ويوجه إليه التكليف بالعبادات والخطاب بترك المحجورات .
पृष्ठ 2
ما يجب عليه بعد البلوغ : فأول ما يجب عليه بعد البلوغ أن يعرف أن له صانعا وخالقا خلقه ، وأن هذا الصانع وهذا الخالق الذي أوجده من العدم إلى الوجود هو الذي أوجد كل شيء وخلق كل موجود ، وأن جميع المخلوقات محتاجة إليه وهو غني عنها ، وأنه لا يكون بهذه الحالة إلا من هو متصف بالكمال الذاتي، مباين لجميع الأشياء في ذواتها وأحوالها وأفعالها ، وأن إسم خالقه الذي خلقه وخلق الأشياء كلها هو الله .
ما يستحيل على الله
وأنه تعالى لا يصح أن يوصف بشيء من صفات النقص ، فيستحيل عليه الإتصاف بالجهل والعجز والعمى والصمم والحلول في الأمكنة والحدوث في الأزمنة ، ويستحيل أن تحله الأشياء كما يستحيل عليه أن يحلها ، ويستحيل عليه أن يرى بالأبصار ، ويستحيل عليه إدراك ذاته تعالى بالعين أو بالقلب أو غيرهما من جميع الحواس ، لأن ذلك كله نقص تعالى ربنا عنه علوا كبيرا .
पृष्ठ 3
ما يجب أن يوصف به الله وأنه تعالى يجب له الإتصاف بالكمال ، فهو تعالى ، قديم حي عليم ، قادر مريد ، بصير ، سميع، باق ، لا يجوز عليه الفناء ، وأنه تعالى عالم بذاته وقدير بذاته ، ومريد بذاته ، وحي بذاته ، بمعنى أن ذاته تعالى متصفة بهذه الكمالات غير محتاجة إلى زيادة صفات يوجد بها الموجودات . ويعلم بها المعلومات ويبصر بها المبصرات ، ويسمع بها المسموعات لئلا يلزم احتياجه إلى غيره ، وهو سبحانه وتعالى غني بنفسه كامل بذاته .
ما يجوز على الله
وأنه تعالى يجوز عليه بعث الرسل وإنزال الكتب وخلق الخلق وإماتتهم وبعثهم وحشرهم وحسابهم وثوابهم وعقابهم ، وأنه تعالى قد من علينا ببعث الرسل وإنزال الكتب وكلفنا بعد قيام الحجة تفضلا منه تعالى ومنا .
पृष्ठ 4
الأنبياء والرسل والكتب وجملة من بعث الله تعالى من الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولا أولهم آدم عليه السلام وهو رسول إلى بنيه ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو رسول إلى الكافة من عرب وعجم وإنس وجن . وجملة الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا : منهم الرسل الثلاث المائة والثلاثة عشر ، وجملة الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه ورسله مائة كتاب وأربعة كتب : خمسون منها على شيث ، وثلاثون على إدريس وعشرة على إبراهيم وهي صحفه ، وعشرة على موسى قبل التوراة وهي صحف موسى ، ثم التوراة على موسى أيضا و الإنجيل على عيسى ، والزبور على داود والقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم .
الإيمان بالأنبياء والكتب : و الإيمان بجملة الرسل وبجملة الكتب واجب ، ويجزيء الإيمان بجملتها فيما عدا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وما عدا القرآن العظيم فإنه يجب على كل مكلف أن يخص محمدا بالإيمان به ، وبما أنزل عليه من بين سائر الأنبياء ، وكذا يجب عليه أن يخص بالإيمان من قامت عليه الحجة به من هؤلاء الرسل ومن هذه الكتب .
صفات الرسل : ويجب عليه أيضا بعد قيام الحجة أن يعرف أن للرسل صفات واجبة في حقهم ، وأن لهم صفات مستحيلة في حقهم ، وأن لهم صفات جائزة عليهم كغيرهم .
पृष्ठ 5