الاسم الأعظم١، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه، ويدل القيوم على معنى الأزلية، والأبدية٢ ما لا يدل عليه لفظ القديم، ويدل أيضًا على كونه موجودًا بنفسه، وهو معنى كونه واجب الوجود.
و«القيوم» أبلغ من «القيام»؛ لأن الواو أقوى من الألف، ويفيد قيامه بنفسه، باتفاق المفسرين وأهل اللغة٣، وهو معلوم بالضرورة.
وهل تفيد إقامته لغيره وقيامه عليه؟ فيه قولان. أصحهما: أنه يفيد ذلك٤، وهو يُفيد دوام قيامه وكمال قيامه؛ لما فيه من المبالغة، فهو سبحانه لا يزول، ولا يأفل٥؛ فإن الآفل قد زال قطعًا، أي: لا يغيب، ولا ينقص، ولا يفنى، ولا يَعْدَمُ، بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفًا بصفات الكمال.
واقترانه بالحي يستلزم سائر صفات الكمال، ويدل على بقائها ودوامها، وانتفاء النقص والعدم عنها أزلًا وأبدًا؛ ولهذا كان قوله: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ
_________
١ انظر التفسير الكبير (٧/٤، ٥)، والجامع لأحكام القرآن (٣/٢٧١) .
٢ انظر مجاز القرآن (١/٧٨)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/٢٨) .
٣ ذكر طائفة من المفسرين وأهل اللغة نحو ما قاله المؤلف هنا، من أن القيوم يفيد قيامه بنفسه، وبعضهم يقول: هو القائم على كل نفس بما كسبت، أو هو القائم بتدبير أمر الخلق، وهذا يستلزم الأول، ولم يذكروا في ذلك خلافًا، مما يفيد صحة الاتفاق الذي ذكره المؤلف. انظر على سبيل المثال: جامع البيان (٥/٣٨٨)، ومعاني القرآن وإعرابه (١/٣٣٦، ٣٣٧)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/٢٥،٢٦)، وتهذيب اللغة (٩/٣٦٠)، وتفسير القرآن للسمعاني (١/٢٥٧)، والمفردات، ص (٤١٧)، وتفسير القرآن لأبي الليث (١/٢٢٢)، ومعالم التنزيل (١/٢٣٨)، والنكت والعيون (١/٣٢٣) .
٤ لم أر فيما اطلعت عليه مَنْ حكى خلافًا في أن «القيوم» يفيد إقامته لغيره.
٥ الأفول الغياب، وقد فسره المؤلف بذلك، ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ . انظر غريب القرآن وتفسيره لليزيدي، ص (١٣٨) .
120 / 43