التاركين من الأشياء أهونها ... والراكبينَ من الأشياءِ ما صعبا
مبرقعي خيلهم بالبيض متخذي ... هامَ الكماة على أرماحهم عذبا
قال أيضًا:
أذاقني زمني بلوى شرقتُ بها ... لو ذاقها لبكى ما عاشَ وأنتحبا
وإنْ عمرتُ جعلتُ الحرب والدةً ... والسمهريَّ أخًا والمشرفيَّ أبا
بكلِّ أشعثَ يلقى الموت مبتسمًا ... حتى كأنَّ له في قتلهِ أربَا
الموتُ أعذرُ لي والبرُ أجملُ بي ... والبرُّ أوسعُ والدنيا لمن غلبا
قال أيضًا:
تخوفني دون الذي أمرتْ به ... ولم تدرِ أنَّ العارَ شرُّ العواقبِ
يهونُ على مثلي إذا رامَ حاجة ... وقوعُ العوالي دونها والقواضبِ
كثيرُ حياةِ المرءِ مثلُ قليلها ... يزولَ وباقي عيشهِ مثل ذاهبِ
إليكِ فإني لستُ ممن إذا اتقى ... عضاض الأفاعي نام فوق العقاربِ
إليَّ لعمري قصدُ كل عجيبةٍ ... كأني عجيبٌ في عيونِ العجائبِ
بأي بلادٍ لم أجرَّ ذؤابتي ... وأي مكان لم تطأه ركائبي
قال أيضًا:
خذوا ما أتاكم به واعذروا ... فإنَّ الغنيمةَ في العاجلِ
وإنْ كان أعجبكم عامكم ... فعودوا إلى حمص في القابلِ
فإنَّ الحسام الخضيبَ الذي ... قتلتم به في يد القاتلِ
تفكَّ العناة وتغني العفاةَ ... وتغفرُ للمذنبِ الجاهلِ
فهنأكَ النصرَ معطيكه ... وأرضاهُ سعيك في الأجلِ
قال أيضًا:
أعلى الممالك ما يبنى على الأسلِ ... والطعن عند محبيهن كالقبلِ
وما ترّ سيوفٌ في ممالكها ... حتى تقلقل دهرًا قبل في القللِ
مثل الأمير بغى أمرًا فقرَّبهُ ... طولُ الرماح وأيدي الخيل والإبلِ
وعزمةٌ بعثتها همةٌ زحلٌ ... من تحتها بمكان الترب من زحلِ
تتلوا أسنته الكتبَ التي نفذتْ ... ويجعلُ الخيلَ أبدالًا من الرسلِ
يلقى الملوكَ فلا يلقى سوى جزر ... وما أعدُّوا فلا يلقى سوى نفلِ
الفاعل الفعل لم يفعل لشدتهِ ... والقائل القول لم يترك ولم يقلِ
والباعثُ الجيش قد غالت عجاجتهُ ... ضوء النهار فصار الظهرُ كالطفلِ
الجو أضيق ما لاقاه ساطعها ... ومقلةُ الشمس فيه أخيرُ المقلِ
ووكلَ الظنَّ بالأسرار فانكشفتْ ... له ضمائر أهل السهلِ والجبلِ
هو الشجاع يعد البخلَ من جبن ... وهو الجوادُ يعدُّ الجبنَ من بخلِ
يعودُ من كلّ فتح غير مفتخر ... وقد أغذَّ إليه غير محتفل
ولا يجيرُ عليه الدهرُ بغيتهُ ... ولا تحصنُ درع مهجةَ البطلِ
إذا خلعتُ على عرض له حللًا ... وجدتُها منه في أبهى من الحللِ
بذي الغباوة من إنشادها ضررٌ ... كما تضرُّ رياحُ الورد بالجعلِ
لقد رأت كل عين منك مالئها ... وجربت خير سيف خيرة للدولِ
فما تكشفك الأعداء عن ملل ... من الحروب ولا الآراء عن زللِ
وكم رجال بلا أرض لكثرتهم ... تركت جمعهم أرضًا بلا رجل
ما زال طرفك يجري في دمائهم ... حتى مشى بك مشي الشارب الثمل
إنَّ السعادة فيما أنت فاعله ... وفقت مرتحلًا وغير مرتحلِ
أجرِ الجيادَ على ما كنتَ مجريها ... وخذْ بنفسك في أخلاقكَ الأولِ
فلا هجمت بها إلاَّ على ظفر ... ولا وصلت بها إلاَّ إلى أملِ
قال أيضًا:
أأطرحُ المجد عن كتفي وأطلبهُ ... وأترك الغيث في غمدي وأنتجعُ
والمشرفيةُ لا زالتْ مشرفةً ... دواءُ كلِّ كريم أو هي الوجعُ
بالجيش تمتنع الساداتُ كلهم ... والجيشُ بابنِ أبي الهيجاء يمتنعُ
لا يعتقي بلدٌ مسراهُ عن بلد ... كالموت ليس له ريٌّ ولا شبعُ
حتى أقام على أرباض خرشنةٍ ... تشقى به الرومُ والصلبانُ والبيعُ
للسبي ما نكحوا، والقتل ما ولدوا ... والنهب ما جمعوا، والنارِ ما زرعوا
يطمعُ الطير فيهم طولُ أكلهم ... حتى تكاد على أحيائهم تقعُ
تغدو المنايا فلا تنفكُّ واقفة ... حتى يقول لها عودي فتندفعُ
لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمقٍ ... فليس يأكل إلا الميتَ الضبعُ
1 / 20