تأرَّجُ عنبرٍ وضياءُ صبحٍ ... ولين أراكةٍ ولحاظ ريمِ
يقبل شعرها القدمين منها ... إذا قامتْ تميلُ من النعيمِ
كتقبيلِ الملوكِ الأرضَ طوعًا ... إذا نظروا إلى الملكِ الرحيمِ
وقال أيضًا:
لو كنتَ يا ملك الملاح رحيما ... لم تخلُ من عطف يصحّ سقيما
أو كنت موجود النظير لما غدا ... بهواك حسن تصبري معدوما
يا راقدًا منع الرقاد وراحلًا ... جعل الفؤاد على هواه مقيما
كانت ليالينا بقربك جنة ... فجعلتها لما رحلتَ جحيما
إنْ كان قد أصبحت سلطان الهوى ... وقضى الجمال بأن تطاع زعيما
فأنا إمام العاشقين وشاهدي ... أني أبيتُ من الكرى معصوما
وقال أيضًا:
لعل قلبًا قاسيًا يعطفُ ... ومانعًا من وصله يسعفُ
وحائرًا في عدله يهتدي ... وجائرًا في حكمه ينصفُ
وأهيف كالغصن لكنه ... يخجل منه الغصنُ الأهيفُ
سلّ علينا جفنهُ مرهفًا ... فخافهُ في جفنهِ المرهفُ
أمير حسن زانهُ حاجبٌ ... له على ناظره مشرفُ
صاح وما أعرف لي صاحبًا ... يعرف للصاحب ما أعرفُ
إياك والصحو إذا أمكنتْ ... سلافةٌ صهباء أو قرقفُ
ألاّ تقفْ عند التي أخطفتْ ... حتى يفوتَ الرشأ المخطفُ
ولا تذدك الخمر ممزوجة ... عن العناقيد التي نقطفُ
واستعمل القصفَ وكن عالمًا ... بأن أهدى الناس من يقصفُ
وصيةٌ من رجلٍ فاسقٍ ... أبو نواس عنده يوسفُ
أقول: إن هذه الأبيات التي فيها ذكر الخمر والقصف هي بغير هذا الموضع أشبه، ولكني ذكرتها حيث ذكرت الغزل منها. أما قوله:
أمير حسن زانه حاجب ... له على ناظره مشرفُ
فهو من المعاني المتداولة وأنا أذكر منها ما يخطر ببالي.
أنشدني السعد تاج الدين محمد بن نصر بن الصلايا، قدس الله روحه، وأظنها له:
أيا ملك الحسن الذي قهر الورى ... وبالغ في ظلم الرعايا وأسرفا
هززت لنا من ذبّلِ القدِّ عاملًا ... فأضحى به قلبي على الموت مشرفا
وتقدم أن يعمل مثله فأنشدته في الحال:
يا قمرًا ملّكته مهجتي ... فجار في القرب وفي البعد
قلبي على الموت غدا مشرفًا ... متيمًا من عامل القدّ
وقلت أيضًا بديهًا:
وفي فاتر الألحاظ ألمى مقرطق ... أراقب بدر التم حين أراقبه
وعامل قد صار قلبي مشرفًا ... على الموت لما جار في القلب حاجبه
وللحاجري الإربلي:
لك يا أمير في الملاحة ناظرٌ ... يسطو عليّ وحاجب لا ينصفُ
إني أؤملُ أن أرى لك عارضًا ... فلربما عني الظلامة تكشفُ
وقلت:
عارضه الناظر محروس بما ... فوّقه الناظرُ من سهامه
وقال ابن غزّي:
أرى سطرًا من المسك الذكيّ ... على جمرٍ بوجنته ذكيّ
وخالًا عنبريًا فوق خدٍّ ... ظلومٍ ليس يعفو عن مسيّ
فيا من سامني السلوان عنه ... لقد حاولت عارًا من وفيّ
وميّاس القوام كأنَّ سكرًا ... ثناه من مدام بابليّ
يريك إذا انثنى خصرًا وردفًا ... قد اشتملا على ظمأ وريّ
وجفنًا كلما أبكى محبًّا ... ترى جور الضعيف على القويّ
ابن غزّي تبع ابن الأردخل في قوله، لأن صاحب الموصل بدر الدين طلب من الشعراء أن يعملوا على وزنها:
أما وبياض مبسمك النقيّ ... وسمرة مسكة اللعس الشهيّ
ورمان من الكافور يعلو ... عليه طوابع الندّ النديّ
وقدّ كالقضيب إذا تثنى ... خشيت عليه من ثقل الحليّ
تغازلني وتزوي حاجبيها ... كما انبرت السهام عن القسيّ
ويخترق الصفوفَ بروقُ فيها ... وهل يخفى شذا المسك الذكيّ
البيت الثالث فيه نظر إلى قول المعري:
ويا دسيرةَ حجليها أرى سفهًا ... حملَ الحليِّ بمن أعيا عن النظرِ
ومثله لابن هاني المغربي:
ما حالُ جسمٍ تحملتَ السلاحَ به ... وأنتَ تضعفُ عن حملِ القباطيِّ
ومثله للأرجانيّ:
عجبتُ لذاتِ الخالِ أنى تقلّدتْ ... دماءً وحملُ العقدِ مما يؤودها
والبيت الرابع مما استعمل كثيرًا، قال الأرجاني:
1 / 31