من أحلام المصلحين * مشروع القانون الإسلامي رقم 1: بعد الاطلاع على المادة رقم 149 من الدستور، التى تنص على أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام . ومن حيث أن الإسلام يوصى بجعل منزلة أى شخص فى الهيئة الاجتماعية راجعة إلى ما يقدمه لنفسه وأمته من جهد مادى وأدبى. وفى ذلك يقول القرآن الكريم: (ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون). ومن حيث إن الدين يطلب لكل عمل حسن، جزاءه المكافئ له ويستنكر أن يحسن أى عامل ثم ينال جزاء سيئا، كما قال الله عز وجل: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان). ومن حيث أن التقصير فى العمل يوجب إهدار كرامة الشخص المادية والأدبية على ما جاء فى الحديث الشريف "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ". ومن حيث أن إبقاء الأموال فى أيدى المتعطلين يفتح أبواب الفساد ويجر إلى المحرمات التى نهى الإسلام عنها. ومن حيث أن حرمان العاملين من أجزيتهم المستحقة يهون من قيم الأعمال، ويشل مصالح الأمة. ومن حيث أن الإسلام يعتبر من أوليات العدالة التى يدعو إليها تطهير المجتمعات من هذه الفوضى. وبالاستناد إلى القواعد المقررة فى أصول الفقه، من أن كل ما يؤدى إلى الواجب فهو واجب، وكل ما يؤدى إلى الحرام فهو حرام. ص _056 أمرنا بما هو آت: - يصادر لحساب الدولة ما يزيد على مائة فدان من جميع التفاتيش والإقطاعات والعزب التى يستغلها الأفراد لحسابهم الخاص. - يحرر رقيق الأرض ويملكون من المزارع ما يوازيا جهودهم المبذولة. - يشغل الملاك السابقون فيما يصلحون له من أعمال، ويعطون ما يستحقونه من أجور. - تساهم الدولة بأكثر من النصف فى تملك جميع الشركات الاقتصادية العامة وإدارتها. - يوضع كادر متقارب الفئات للعمال ورؤسائهم وأعضاء المجالس الإدارية للشركات. - كل من ثبت عليه استغلال عامل زراعى أو صناعى يعاقب بالجلد والسجن وتصادر الأموال التى استولى عليها. - يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. ترى؟ هل تصدق الأحلام؟؟ ص _057 فى صميم السيرة * معالم النبوة: كما يرصد علماء الفلك من أرضهم القريبة أجرام السماء العالية، وكواكبها القاصية. وكما يستطيعون بآلاتهم الصغيرة ووسائلهم القصيرة، أن يعطوا فكرة عن أبعادها وأحجامها وأشعتها وداراتها... كذلك نرصد نحن أصحاب النفوس المحدودة والمواهب المعتادة- معالم النبوة المحمدية فى أفقها السامى، ثم نتحدث عن أشعتها الهادية، وأمجادها الرفيعة، وآثارها الخالدة، كما يتحدث السائرون فى النهار عن ضحوة الشمس، أو السائرون بالليل عن ضياء البدر، أو حديث الأذهان الكليلة عن العبقريات المدهمة، والأقدار الهزيلة عن الأقدار المعلمة. ولن نمثل للناس من معالم النبوة إلا أطرافا يسيرة، ومهما اجتهدنا فى تصويرها فلن نعدو قول البوصيرى: إنما مثلوا صفاتك للناس كما مثل النجوم الماء! لقد مضت قرون طوال على ظهور محمد صلى الله عليه وسلم فى التاريخ. ولكن الآثار الغائرة والأحداث العميقة التى خلفها من بعده لا تزال قائمة ولن تزال كذلك. فالأمة التى صنعها بيديه، والرسالة التى أوحيت إليه، هى أشرف مواريث الإنسانية طرا. وسيموج العالم بعضه فى بعض، وتصطرع مذاهب وآراء، وتتفانى شعوب وأجيال، ويبقى بعد ذلك دين محمد العظيم، يبقى الربوة العاصمة من الغرق فى هذا الطوفان الفوار. وسيبحث العالم كله عن الحق والسلام والعدالة. ومهما أجهد نفسه فلن يجد إلى ذلك سبيلا، إلا إذا عرف الطريق إلى محمد عليه الصلاة والسلام، فمشى على سنته، واستقام على هديه، واستظل بلوائه، وألقى إليه السلم..!! أجل، لقد قطعت الإنسانية ثلاثة عشر قرنا أو يزيد بعد رسالة محمد تنفي، وخطت الحضارة أشواطا فسيحة إلى الأمام، واطردت سنة التطور فى كل شىء. وقد يقال: ماذا يصنع دين، أو ماذا تصنع الأديان جملة، وقد جاءت فى العصور الوسطى ونحن الآن فى عصور أخرى؟ ص _058 وهذا تساؤل يمليه الجهل بطبيعة الإسلام الحنيف! ذلك أن الإسلام دين الحقيقة، والحقيقة لا تتغير وإن تغيرت الأزمنة والأمكنة. وما هو ثابت فى نفسه يستوي فى ضرورة العلم به، أن يكون عند بدء الخلق أو عند قيام الساعة.. والإسلام جملة من الحقائق التى تتعلق بالعقيدة، وبالفكر، وبصلات الناس بعضهم ببعض، أو صلاتهم جميعا بالخالق جل وعلا. ولو أن دينا نزل إلى الناس فى هذه الأعصارأكنت تحسبه ينقض مبدأ التوحيد فى العقيدة. أو مبدأ الأخوة فى المجتمع؟ أو مبدأ التعارف بين الأمم؟ أو قانون العدالة فى الأحكام، والفضيلة فى الأخلاق؟ أو الصلاح النفسى الذى لا ضمان له بين عامة الناس إلا بضروب العبادات وصور الطاعات؟ أو تحسبه يعترف بضراوة الشهوة بين الأفراد، وضراوة القوة بين الأمم؟ كلا كلا! فلو أن محمدا صلى الله عليه وسلم جاء الإنسانية فى أمسها القريب أو يومها الحاضر، أو لو أن عشرات النبيين انطلقوا من بعده بين المدائن والقرى مبشرين ومنذرين، ما عدوا حدود القرآن فى هديهم، ولا تجاوزوا حلوله السمحة فى المشاكل التى تعترضهم. فإن هذا الدين جعل الله فيه خلاصة للأديان السابقة، وغناء عن الشرائع اللاحقة. وإن محمد صلى الله عليه وسلم! صاحب الرسالة العظمى هو أمل العالم فى يومه وغده. وكتابه هو الدواء الفذ لما أصاب العالم من دوار، ولما اعترى خطواته من عثار. (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا * وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا). * * * ومن معالم النبوة ظهور محمد صلى الله عليه وسلم برسالته هذه، فى تلك البقعة بعينها من صحراء الجزيرة، فأنت لا تعجب للزهرة النابتة فى الرياض الزاهرة والحدائق النضرة، ولكنك تعجب لها أشد العجب عندما تراها مستوية على ساقها فى صميم الصحراء القاحلة، وفى مهب الرياح السافية. فكيف والأمر ليس زهرة واحدة ولا زهرات؟ بل هو كما قال القرآن: (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع). ص _059
पृष्ठ 59