فلم يزل مانع بن سنان العميري في اغتمام، كامنا العداوة والبغضاء لمولانا الإمام، قادحا في ملكه على الدوام، وكان مداد بن هلوان، على ما صح عندنا وبان، أنه قد استأذن الإمام على قتل الأمير مانع، لما قد جرى منه من الخدع ليصنع به ما هو صانع، إذ كان عند المسلمين مستحقا للقتل غاية الاستحقاق، بسوء فعله في الناس وبعديه الذي لا يطاق، فكاتبه مداد ليدخله حصن الإمام من قرية لوى، وكان الوالي بها حافظ بن سيف وبما عليها احتوى، فلم يزل مداد خادعا لمانع في ذلك قول روي، فوفقه قدر الله وقضاه إلى ما نوى، فوجه إليه الأحاديث اللطيفة المليحة، وعرض لديه بإخلاص والمودة والنصيحة، وآلى على نفسه بالأيمان الصحيحة، لئلا يدخل في قلبه الخوف والظنون القبيحة، ففرح بذلك الأمير مانع، وقال إنني بما عاهدتني عليه قانع فاستبد برأيه وهو بذلك الأمل طامع، وكان مسكنه حينئذ قرية دربا، فركب منها إلى صحار منتظرا من مداد النبأ، وأقام بها أياما ينتظر الأمل مداد، ليأخذ حقيقة الخبر منه ويزداد فجدد له عهدا على ما واعده، وأكد له أنه قد عاهده، فركب صحار إلى لوى في سفينة قاصدا الحصن لوى لآماله المكينة، فغابت السفينه في لجة البحر عن الأبصار، وذلك عندما ركب فيها من مدينة صحار، حتى أتت ببرها على ساحل بحرها، نعوذ بالله من قدومها هنالك وعاقبة أمرها، فنزل منها الأمير مانع بن سنان، بمن معه بعد ما ضمن له مداد بدخول الحصن وأطمعه متيقنا بالدخول وصحة الميعاد، والاحتواء على العشيرة بالجهد والاجتهاد، وكان قد ساقه القدر والقضاء فأخرجه من الحذر إلى القضاء، وقد كان الوعد فيما بينهم ليلة من الليالي، ففرق له الوالي حافظ بن سيف جموع الرجال، وأحاطوا بالأمير من الغرب والشرق والجنوب والشمال، وهو لا يعلم ذلك أنه مخدوع، ولا عن البلد والحصن ممنوع فمالوا عليه شراة الإمام ميلة واحدة، وأخذوه قهرا وذلك لسبب من عاهدوه فقتل حينئذ شر قتلة، وتفرقت خوف القتل جنوده قبله، وقتل من حصل معه من الرجال، وانهزم الباقون خوف القتال، وسر بذلك المسلمون، ولم ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، وعم بذلك المسلمون السرور والبشرى، وقال المصنف في ذلك شعرا:
،4, =""
لقد جاء الهدى وبغى الضلال =وزال الحرم واشتهر الحلال
عشية ما استقام لنا إمام =له من ربنا العالي جلال
يروقك إن جلست لديه نطق =وأوعاظ تذوب بها الجبال
هو النور المضيء على البرايا =وللدين القويم هو الجمال
لقد ذلت لسطوته قرون =وقد فلت حصون لا تنال
فحسبك بالنهار هدى وعدلا =وفي آن البهيم له فعال
تر الأسفار ملقية لديه =ليوم السلم ليس له مآل
وفي الهيجاء ديدنة المذاكي =هنالك والذوابل والنصال
فتقوى الله حشو حشاه جمعا =بإثبات الجنان لها مجال
له شغل بتقوى الله حقا =إذا شغل الملا أهل ومال
فتلك خصال مولانا فطوبى =لمن تلك الخصال له خصال
بأفئدة الكريم له وداد =به مزجت فليس له انفصال
والباب اللبام بها هموم =وحمر بالدوام لها اشتغال
أمد إلهنا عمرا طويلا =له وحباه ملكا لا يزال
ومانع الفتى ابن سنان قدما =له في الناس مرتبة وحال
أراد زوال مولانا بجهل =وأمر الله ليس له زوال
وزينت الظنون له فعالا =ومقصده لمولنا القتال
وقد مالت لسيرته رجال =بجهل وللرجال هم الرجال
إذا أعطى المهيمن ملك قوم =لشخص كيف يأتيه انتقال
فكم لعبت أماني بقوم =مضوا عبرا وأقوالا تقال
كذلك مانع بن سنان كانت =له قصص بأندية تدال
مضى لقضا قاضي قد قضاه =سطى فحواه في القاع المحال
وقد خاض الأمور بغير حلم =ولا فكر فمنهجه ضلال
تبارك ربنا وعلا سموا =عن الأشياء ليس له مثال
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-
الرد 17
الكاتب: عبد الله بن خلفان بن قيصر
التاريخ: 08-08-2004 04:38 : خبر افتتاح قرية الصير
قال الراوي لهذه المذاهب النفيسة الحاوي لهذه الملاحة الأنيسة:
पृष्ठ 28