فَصْلٌ
* وَنَحْنُ نُمَهِّدُ [لَهُ] (١) طَرِيقًا سَهْلًا، فَنَقُوُل:
- لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ فِي ذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّشَهِّي وَالْمَيْلِ إِلَى مَا وَجَدَ عَلَيْهِ أَبَاهُ وَأَهْلَهُ، قَبْلَ تَأَمُّلِهِ وَالنَّظَرِ فِي صَوَابِهِ (٢).
- وَلَيْسَ لَهُ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبِ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ وَحْدَهُ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانُوا أَعْلَمَ وَأَعْلَى دَرَجَةً مِمَّنْ بَعْدَهُمْ -مَعَ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابَةِ عِنْدَنَا حُجَّةٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ (٣) -؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَفَرَّغُوا [لِتَدْوِينِ] (٤) الْعِلْمِ وَضَبْطِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ مَذْهَبٌ مُهذَّبٌ مُحَرَّرٌ مُقَرَّرٌ مُسْتَوْعِبٌ، وَإِنَّمَا قَامَ (٥) بذَلِكَ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنَ الأَئِمَّةِ النَّاخِلِينَ لِمَذَاهِبِ (٦) الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، الْقَائِمِينَ بِتَمْهِيدِ أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، النَّاهِضِينَ بِإِيضَاحِ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا، وَمَعْرِفَةِ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحَمْدَ، وَأَمْثَالِهِمْ، فَإِنَّ اتِّفَاقَهُمْ نِعْمَةٌ تَامَّةٌ، وَاخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ عَامَّةٌ.