وإن كان ليس من طبيعته، فهو، لا محالة، حيز لغير الهواء. وليس يمكن أن يكون حيزا إلا لمفرط الحرارة إذا كان هذا المتصعد إنما يتصعد لأنه مفرط الحرارة. فيكون حيز ما هو مفرط الحرارة حيزا غير حيز الهواء. ولاشك أن ذلك هو حيز النار، فتكون النار غير الهواء فى الطبع، والهواء المتسخن هو يطلب غير حيز الهواء، كما أن الماء المتسخن يطلب غير حيز الماء. ولكن ذلك الحيز حيز لجرم آخر لا محالة، بالغ فيه الكيفية المصعدة للهواء وللماء عن حيزهما، وليس يطلب شىء منها حيز نفسه. وفى طلبهما حيزا آخر إثبات حيز آخر لجسم آخر، وهو النار. ولا يجوز أن يكون الحيز واحدا إلا أن الأسخن يطلب منه ما هو أرفع؛ وذلك لأن الأرفع إما أن يتحدد بحد جسم شامل، أو حد جسم مشمول؛ إذ لا وجه لإثبات الخلاء، ولا لاثبات الأبعاد.
فإن كان ذلك الأرفع والأدون يتحدد بتحديد جسم شامل متعين، أو مشمول متعين ليس هو حد جسم شامل للأدنى، أو مشمول فى الأدنى، فالأرفع والأدنى مكانان مختلفان، فلهما جسمان، بالطبع، مختلفان. وان كان يتحدد بشامل واحد فى الطباع فلا مكان أرفع رأدون؛ بل المكان ذلك أو أجزاؤه إن أخذت على وجه التوسع، وأجزاؤه متفقة فى القرب والبعد، والعلو السفل.
पृष्ठ 158