فبين من هذا أن النار حارة يابسة. لكن سلطان النار الحرارة وسلطان الهواء الرطوبة، وسلطان الماء البرودة، وسلطان الأرض اليبوسة. وبالحرى أن يكون الماء والأرض بالقياس إلى الهواء يابسين .فإن البرد يقتضى الجمود والتكاثف ولولا الحرارة الخارجة لكن الماء جامدا". لكنه بالقياس إلى الأرض رطب. فإنه إما سيال بذاته، وإما شديد الاستعداد للسيلان، من أدنى سبب خارج، والبرد الذى يجمد به الماء إن أردت الحق وترك العادات فليس إلا بردا مستفادا فى الهواء من الماء والأرض. فإذا صار الهواء بحيث لا يسيل الماء استولت طبيعية الماء والأرض على الماء، وعاونهما الهواء، إما بالتبريد وإما بإزالة التسخين، فجمد من الماء ظاهره أولا لاحتقان الحار فى باطنه، ثم لا يزال يجمد حتى يستولى الجمود على جميعه لطبيعة البرد الذى أولى العناصر به الماء، وأولى الآثار به الإجماد.
وطبيعته الماء والأرض هما اللذان يحدثان بردا فى الهواء، يعود ذلك البرد معينا لطبيعته الماء على إحداث كيفية البرد فى نفس الماء على قدر يتأدى إلى الإجماد.
والنار والهواء، بالقياس إلى الجامدات، متخلخلان رطبان، لكن النار، بالقياس إلى الهواء، يابسة؛ لأنها ابعد عن قبول التشكيل والاتصال مع المماسة من الهواء. فهذا هو الحق الذى يجب أن يعتقد.
وقد يمتعض لسماع هذا الفصل الأخير قوم لا نشغل قلوبنا بهم. ويزيدهم امتعاضا ما نريد أن نذكره من تحقيق ذلك فيما يستقبلنا من الكلام. ثم ههنا شكوك.
पृष्ठ 159