शरह तलवीह
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
शैलियों
قوله: "ومنها" أي، ومن ألفاظ العام النكرة الواقعة في موضع، ورد فيه النفي بأن ينسحب عليها حكم النفي فيلزمها العموم ضرورة أن انتفاء فرد مبهم لا يكون إلا بانتفاء جميع الأفراد، وقد يقصد بالنكرة الواحد بصفة الواحدة فيرجع النفي إلى الوصف فلا تعم مثل: ما في الدار رجل بل رجلان أما إذا كانت مع من ظاهرة أو مقدرة كما في ما من رجل أو لا رجل في الدار فهو للعموم قطعا، ولهذا قال صاحب الكشاف إن قراءة: {لا ريب فيه} [البقرة:2] بالفتح توجب الاستغراق، وبالرفع تجوزه، واستدل المصنف على عموم النكرة المنفية بالنص، والإجماع أما الأول فلأن قوله تعالى: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} [الأنعام:91] استفهام تقرير، وتبكيت بمعنى أنزل الله التوراة على موسى، وأنتم معترفون بذلك فهو إيجاب جزئي باعتبار أن تعلق الحكم بفرد معين من الشيء تعلق ببعض أفراده ضرورة، وقد قصد به إلزام اليهود، ورد قولهم: {ما أنزل الله على بشر من شيء} [الأنعام:91] فيجب أن يكون المعنى ما أنزل الله على واحد من البشر شيئا من الكتب على أنه سلب كلي ليستقيم رده بالإيجاب الجزئي إذ الإيجاب الجزئي لا ينافي السلب الجزئي مثل أنزل الله بعض الكتب على بعض البشر، ولم ينزل بعضها على بعضهم، وإنما قال الإيجاب، والسلب دون الموجبة، والسالبة لأن الكلية، والبعضية هنا ليست في جانب المحكوم عليه بل في متعلقات الحكم. وأما الثاني: فلأن قولنا: "لا إله إلا الله", كلمة توحيد إجماعا فلو لم يكن صدر الكلام نفيا لكل معبود بحق لما كان إثبات الواحد الحق تعالى توحيدا، وللإشارة إلى هذا التقرير قال: ولكلمة التوحيد دون أن يقول، ولقولنا: "لا إله إلا الله" أو لصحة الاستثناء فإن قلت: لما فسرت الإله بالمعبود بحق لزم النسبة إلى الموصوف بالمشتق لأن قوله لا أجالس إلا عالما معناه إلا رجلا عالما فيعم لعموم العلة فإن قيل النكرة الموصوفة مقيدة، والمقيد من أقسام الخاص قلنا هو خاص من وجه، وعام من وجه والنكرة في غير هذه المواضع خاص لكنها تكون مطلقة إذا كانت في الإنشاء ويثبت بها واحد مجهول عند السامع إذا كانت في الأخبار نحو رأيت رجلا فإذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإذا أعيدت معرفة كانت عينها لأن الأصل في اللام العهد، والمعرفة إذا أعيدت فكذلك في الوجهين قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} لن يغلب عسر يسرين، والأصح أن هذا تأكيد، وإن أقر بألف مقيد بصك مرتين يجب ألف وإن أقر به منكرا يجب ألفان عنده إلا أن يتحد المجلس.
إذا كان الشرط مثبتا حتى لو كان الشرط منفيا لا يكون عاما كقوله إن لم أضرب رجلا فعبدي حر فمعناه أضرب رجلا فشرط البر ضرب أحد من الرجال فيكون للإيجاب الجزئي.
"وكذا النكرة الموصوفة بصفة عامة" عندنا نحو لا أجالس، إلا رجلا عالما فله أن
...................................................................... ..........................
استثناء الشيء من نفسه لأن الله تعالى أيضا اسم للمعبود بالحق على ما صرحوا به قلت معناه أنه علم للمعبود بالحق الموجود الباري للعالم الذي هو فرد خاص من مفهوم الإله لا أنه اسم لهذا المفهوم الكلي كالإله ثم لا يخفى أن الاستثناء هاهنا بدل من اسم لا على المحل، والخبر محذوف أي لا إله موجود في الوجود إلا الله فإن قلت هلا قدرت في الإمكان، ونفي الإمكان يستلزم نفي الوجود من غير عكس قلت لأن هذا رد لخطأ المشركين في اعتقاد تعدد الإله في الوجود، ولأن القرينة، وهي نفي الجنس إنما تدل على الوجود دون الإمكان، ولأن التوحيد هو بيان وجوده، ونفي إله غيره، لا بيان إمكانه، وعدم إمكان غيره، ولا يجوز أن يكون الاستثناء مفرغا، واقعا موقع الخبر لأن المعنى على نفي الوجود عن آلهة سوى الله تعالى على نفي مغايرة الله عن كل إله.
قوله: "والنكرة في موضع الشرط" يريد أن الشرط في مثل إن فعلت فعبده حر، أو امرأته طالق لليمين على تحقق نقيض مضمون الشرط فإن كان الشرط مثبتا مثل إن ضربت رجلا فكذا فهو يمين للمنع بمنزلة قولك، والله لا أضرب رجلا، وإن كان منفيا مثل إن لم أضرب رجلا فكذا فهو يمين للحمل بمنزلة قولك، والله لأضربن رجلا، ولا شك أن النكرة في الشرط المثبت خاص يفيد الإيجاب الجزئي فيجب أن يكون في جانب النقيض للعموم، والسلب الكلي، والنكرة في الشرط المنفي عام يفيد السلب الكلي فيجب أن يكون في جانب النقيض للخصوص، والإيجاب الجزئي فظهر أن عموم النكرة في موضع الشرط ليس إلا عموم النكرة في موضع النفي.
قوله: "وكذا النكرة الموصوفة بصفة عامة"، وهي التي لا تختص بفرد، واحد من أفراد تلك النكرة كما إذا حلف لا يجالس إلا رجلا عالما فإن العلم ليس مما يختص واحدا دون واحد من الرجال بخلاف ما إذا حلف لا يجالس إلا رجلا يدخل داره وحده قبل أحد فإن هذا الوصف لا يصدق إلا على فرد واحد، واستدل على عمومها لوجهين:
पृष्ठ 99