أي إذا فات وقت الفرض المؤقت بعذر، كان في تأخير الفعل، أو المكلف بلا عذر منه، فإنه يجب عليه تداركه بالقضاء اتفاقا، واختلفوا في الدليل الذي وجب به القضاء، فذهب أكثر العلماء والبدر الشماخي -رحمه الله تعالى- إلى أن الدليل الذي وجب به القضاء هو: شيء غير الدليل الذي وجب به الأداء، وذلك نحو قوله تعالى: { فعدة من أيام أخر } وقوله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فذلك وقتها) فقوله تعالى، فعدة من أيام أخر، دليل لوجوب القضاء، وهو غير الدليل الذي وجب به الصوم ابتداء، فإن وجوبه الصوم ابتداء إنما وجب بقوله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: فليصلها إذا ذكرها الحديث، فإن هذا الأمر دليل، لوجوب القضاء للصلاة، وهو غير الأمر الذي وجب به أداء الصلاة، فإن أداءها وجب بقوله تعالى: { أقيموا الصلاة } ونحوه، فظهر أن الأمر الذي وجب به القضاء، هو غير الأمر وجب به الأداء، ولذا قلت في النظم: ووجب القضاء بأمر ثاني، والمراد بقوله أمر ثاني، أي أمر غير الأمر الذي وجب به الأداء أولا، وقيل: أن وجوب القضاء، إنما هو، بالأمر الأول الذي وجب به الأداء، ونسب هذا القول، إلى القاضي عبد الجبار، والشيرازي، وابن الخطيب، والرازي، (ويبحث فيه) بأن الأمر المحدود بزمان، لا يتناول ما بعد ذلك الزمان، فإذا قيل: أضرب زيدا يوم الجمعة، فلا يكون الأمر شاملا للضرب يوم السبت مثلا، (وأيضا) فلو كان الأمر متناولا للأداء والقضاء، للزم أن يكون كلا الفعلين أداء، (قالوا) الزمان عرض، لا يؤثر في الواجب حكما، كالدين المؤقت لا يسقط بمضي وقته، وإنما يسقط بنفس الأداء، (قلنا) كلامنا في مقيد، لا يصح تقديمه عن وقته، والين ليس كذلك، (قالوا) لو وجب بأمر ثان، لكان أداء، لا قضاء، (قلنا) سمي قضاء، لكونه استدراكا لما فات، ولما فرغ من بيان حكم الأمر، المقيد بوقت، ومن بيان وجوب قضائه، أخذ في بيان حكمه، الأمر المطلق عن القيد بالوقت فقال:
وإن يكن غير مؤقت فلا ... فور ولا تراخي منذ حصلا.
وقيل بالفور وبعض وقفا ... وصحح الأول منها فاعرفا.
पृष्ठ 46